التاريخ القبطي والمصري



خائيل الأول البابا السادس والأربعون
سيامته بطريركًا كان هذا الأب راهبًا بدير القديس مقاريوس وكان عالمًا زاهدًا. فلما تنيح سلفه البابا ثاؤذوروس الخامس والأربعون اجتمع أساقفة الوجه البحري وكهنة الإسكندرية في كنيسة الأنبا شنودة بمصر، وادعوا بأن لهم وحدهم حق الانتخاب بينما قام فريق آخر يدعي خلاف ذلك. وحصل خلاف بينهم على من يصلح للبابوية. وأخيرًا استدعوا الأنبا موسى أسقف أوسيم والأنبا بطرس أسقف مريوط. ولما حضرا وجد الأنبا بطرس تعنتًا من كهنة الإسكندرية، فزجرهم على ذلك وصرف الجمع هذه الليلة حتى تهدأ الخواطر. ولما اجتمعوا في الغد ذُكر اسم القس خائيل بدير القديس مقاريوس، فارتاحوا إلى اختياره بالإجماع، وحصلوا على كتاب من والي مصر إلى شيوخ برية شيهيت (وادي النطرون). ولما وصلوا إلى الجيزة وجدوا القس خائيل قادمًا مع بعض الشيوخ لمقابلة الأمير حفصا لكي يعفيهم من الضرائب، فامسكوه وقيدوه وساروا به إلى الإسكندرية، ورسموه بطريركًا في 17 توت سنة 460ش (14 سبتمبر سنة 743م). وحدث أن امتنع المطر عن الإسكندرية مدة سنتين، ففي هذا اليوم سقطت أمطار غزيرة لمدة ثلاثة أيام فاستبشر السكندريون من ذلك خيرًا. دَعى نفسه " خائيل" أي "الأخير"، ولم يرضَ أن يُدعَ ميخائيل تواضعًا منه حتى لا يكون اسمه كاسم رئيس الملائكة. شدائده في عهد خلافة مروان آخر خلفاء الدولة الأموية وولاية حفص بن الوليد جرت على المؤمنين في أيام هذا الأب شدائد عظيمة وهاجر البلاد المصرية عدد كبير من المؤمنين، كما بلغ عدد الذين أنكروا المسيح أربعة وعشرون ألفًا، وكان البطريرك من جراء ذلك في حزنٍ عظيمٍٍ جدًا إلى أن أهلك الله من كان سبب ذلك. بسبب شدة الضيق هرب بعض الأساقفة إلى الأديرة، فعقد البابا مجمعًا قرر فيه ضرورة استمرار الأساقفة في ايبارشياتهم، وحرم من يتجاوز هذا الحكم. خلاف مع الملكيين (البطريرك التابع لبيزنطة) بعد سيامته بمدة وجيزة تقرب قوم من الملكيين (الروم) عند الخليفة مروان، ودفعوا له مالاً وحثوه على إصدار أمر إلى عبد الملك بن موسى بمصر لكي يسلمهم دير القديس مارمينا بمريوط، وكانت في يد الأقباط الأرثوذكس. فلما عادوا إلى مصر سلموا الأمر إلى عبد الملك، فعقد مجلسًا تحت رئاسة قاضٍ يدعى عيسى للنظر في ملكية الدير، ودعا الفريقين لكي يدافع كل منهما عن حقه. فجمع البابا أشهر أساقفته وعلماء كنيسته وعرض عليهم صورة أمر الخليفة وكلفهم بالحضور في مجلس القضاء. لكن الملكيين رشوا القاضي، فكان يماطل ولا يستمع إلى الأقباط الأرثوذكس. وبينما كان يستعد لكتابة تقريره في صالح الملكيين عُزل من منصبه وتعين قاضٍ آخر يُدعى أبو الحسيني، وكان عادلاً لا يحابي الوجوه فقدم الحقيقة إلى عبد الملك واستمر الدير في حوزة الأقباط. بين ملك النوبة وأسقفها في دنقلة بالنوبة حدث خلاف بين قرياقوص الملك والأنبا إبراهيم أسقفها، وذلك لأن الأسقف حاول ردع الملك عن تصرفاته الشريرة. اغتاظ الملك وطلب من البابا السكندري قطع الأسقف وإلا يدفع بالشعب إلى عبادة الأوثان. خشي البابا من ضياع شعب النوبة كله فاستدعى الأسقف وعقد مجمعًا لدراسة الموقف. فرأى الكل أن يبقى الأسقف بالإسكندرية ويبعثون بأسقفٍ آخر للنوبة حتى يهدأ الملك. شعر الأسقف إبراهيم بأن الحكم فيه ظلم فترك الإسكندرية وذهب إلى أحد الأديرة بالنوبة حتى نهاية حياته هنا. قرياقوس ملك النوبة لاقى هذا الأب البطريرك مصائب شديدة من عبد الملك بن مروان، كالضرب والحبس والتكبيل بالحديد. فقد وضع رجليه في خشبة عظيمة وطوق رقبته بطوق حديد ثقيل، وكان معه أنبا موسى أسقف أوسيم وتادرس أسقف مصر وغيرهما، فوضعوهم في خزانة مظلمة نُقرت في صخر لا تصل إلها أشعة الشمس، واستمروا في هذا الضيق من 11 توت إلى 12 بابه، وكان أيضًا معهم ثلاثمائة من الرجال والنساء. في وسط هذا الضيق كان المرضى يأتون إلى البابا في السجن يصلي من أجلهم وينالون نعمة الشفاء. كما اهتم البابا بالمسجونين، فتاب كثيرون ورجعوا إلى الرب. أطلق الوالي سراحه فمضى إلى الصعيد وعاد بما جمعه إلى الوالي بالرغم من الظروف المالية الصعبة التي اجتازها المصريون بسبب الضرائب الفادحة، وكان البابا يعبر بينهم كملاك الرب، يشفي مرضاهم خلال نعمة الله الفائقة. فأخذه منه ثم ألقاه في السجن. فلما علم بذلك قرياقوس ملك النوبة استشاط غضبًا وجهز نحو مائة ألف جندي وسار إلى القطر المصري واجتاز الصعيد قاتلاً كل من صادفه من المسلمين حتى بلغ مصر، فعسكر حول الفسطاط مهددًا المدينة بالدمار. فلما نظر الوالي عبد الملك جيوش قرياقوس منتشرة كالجراد جزع خوفًا وأطلق سبيل البطريرك بالإكرام والتجأ إليه أن يتوسط في أمر الصلح بينه وبين ملك النوبة، فلبى دعواه وخرج بلفيف من الإكليروس والتقى بالملك، وطلب منه أن يقبل الصلح مع عبد الملك، فقبل وانصرف من حيث أتى. أكرم عبد الملك المسيحيين ورفع عنهم الأثقال وزاد في اعتبارهم. شفاء ابنة الوالي عبد الملك صلى البطريرك على ابنة الوالي وكانت تعاني من روح نجس وخرج منها الروح بصلاته. مناظرات بينه وبين قزما بطريرك الملكيين عن الاتحاد حدثت مناظرات بين هذا الأب وقزما بطريرك الملكيين عن الاتحاد، فكتب إليه الأب خائيل رسالة وقع عليها مع أساقفته قائلاً: "إنه لا يجوز أن يُقال إن في المسيح طبيعتين مفترقتين بعد الاتحاد ولا اثنين ولا شخصين". واقتنع قزما بذلك ورضى أن يصير أسقفًا على مصر تحت رئاسة الأب خائيل. تجديد الاضطهاد لم تستمر فترة الراحة طويلاً إذ حضر مروان إلى مصر ونكث هو وعبد الملك عهدهما مع الأقباط، وأخذا في اضطهادهم بقسوة بربرية. اضطر الأقباط إلى الثورة حتى هزموا جيش مروان، لكن مروان استجمع قواته وقاتلهم بشدة وقبض على البابا السكندري وبطريرك الروم، فدفع الأخير ألف قطعة ذهب بينما لم يكن لدى البابا ذات المبلغ. ثقل رجليه بقطعة من الحديد وألقاه في السجن وابتدأ يعذبه تسعة أيام ثم أحضره وجذبه بيده وطرحه وصار يضربه بقضيب في يده مائتين مرة ثم أمر الوالي بضرب عنقه، لكنه عدل عن ذلك. طلب منه أن ينصح البشامرة الثائرين من الأقباط بالتوقف عن مقاتلته، لكن البشامرة ثاروا بالأكثر. في سنة 751م دخل أبو العباس مصر بجيش زاخر للاستيلاء على الحكم من يد مروان، وكان الأقباط في ضيق شديد فانحازوا إليه وطلبوا مساعدته. عسكر أبو العباس على شاطئ النيل في البر الشرقي تجاه مروان الذي كان مازال قابضًا على البابا وبعض الأساقفة. وأمر الجند أن يهينوا البابا من الجانب الآخر للنيل وينتفون شعر لحيته كما قاموا بتعذيب الأنبا موسى أمام الأقباط. في اليوم التالي أحضر البابا ومعه الأساقفة ومجموعة من الشعب وتركهم في الشمس عشرة ساعات ثم بدأ في تعذيبهم بقسوة شديدة، حتى كان الأقباط ومعهم المسلمون في البر الشرقي يبكون بمرارة. وكان البابا يصلي ويثبّت المؤمنين. لم يحتمل عبد الله بين مروان المنظر، فسكب دموعًا كثيرة أمام أبيه لكي يطلق سراحهم، قائلاً له بأنه لن يقدر على مقاومة الخراسانيين وسيضطر إلى الذهاب إلى السودان، هناك أولاد هذا البطريرك لن يقبلوه. تطلع مروان إلى جيش الخراسانيين فانزعج جدًا واضطر إلى إعادة البابا ومن معه إلى المعتقل بالجيزة، وأدخلهم موثقين في أربعة سجون في ضيقٍ شديدٍ حتى أشرفوا على الموت، لكن البابا كان يعزيهم. عبر الخراسانيون إلى الضفة الغربية وهزموا مروان، فهرب بينما ذهب ابنه ليحرق السجن الذي فيه البابا، لكن ما أن أشعل النار حتى أكرهه الأعداء على الهروب. أطفأوا النيران وأطلقوا المسجونين وجاءوا بهم إلى كنيسة مارمرقس بالجيزة. شدة جديدة إذ استولى أبو العباس على مصر أحسن معاملته مع المسيحيين، غير أن هذه الراحة لم تدم سوى أربع سنوات مرت كالحلم. وبسفر أبو العباس وترك الولاية لآخرين أساءوا التصرف، وصاروا يضايقون الأقباط من جديد. حاول البابا أن يذكرهم بما أظهره أبو العباس من آمان لهم لكنه لم ينجح، واستمر المسيحيون في مرارة حتى شوهدت مياه النيل ناقصة عن منسوبها المعتاد ذراعين. رفع منسوب مياه النيل أقام الأساقفة مع البابا صلوات عيد الصليب وتقدموا مع جميع كهنة الجيزة وأهل الفسطاط وحملوا الأناجيل والمباخر ودخلوا كنيسة مار مرقس واكتظت الحقول والحدائق حولها بالشعب. تقدم البابا ورفع الصليب وصلى الكل، وكان الشعب يصرخ: "يا رب ارحم" لمدة ثلاث ساعات، فزاد النيل ذراعًا. سمع الوالي بذلك فأرسل علماء المسلمين وحاخامات اليهود وصلوا فلم يرتفع مقياس النيل. اضطر أن يدعوا النصارى للصلاة، حيث أقام البابا الأسرار الإلهية وألقوا بمياه غسل الأواني في النهر في الساعة السادسة من النهار، فزادت المياه حتى بلغت ثلاثة أذرع، فأحب الوالي أبوعون الأقباط. خلاف مع كنيسة إنطاكية كانت زوجة المنصور أبي جعقر عاقرًا فسمعت عن تقوى اسحق أسقف حاران وعمله العجائب فاستدعته وصلى من أجلها فوهبها الله طفلاً، فصار الأسقف اسحق موضوع الإكرام والتبجيل. وإذ تنيح يوحنا بطريرك إنطاكية سأل الأنبا اسحق الوالي أن يخلفه فأجابه طلبه حالاً وهدد من يعترض ذلك. قيل أنه تسبب في قتل مطرانين رفضا أن لا يترك الأسقف ايبارشيته ليصير بطريركًا. بناء على طلب الأنبا اسحق كلف الخليفة والي مصر أن يحقق طلبات البطريرك الأنطاكي الجديد، كما بعث البطريرك رسالة إلى البابا خائيل في صحبة مطراني دمشق وحمص وكاهنين. عقد البابا مجمعًا لمدة شهر وقرروا ألا يشترك البابا مع بطريرك أخذ رتبته بقوة السلطان. وكان أمام البابا أحد اختيارين، إما مصادقة البطريرك اسحق أو الذهاب لمقابلة الخليفة. وإذ كان البابا يستعد للسفر وهو شيخ، متحملاً مشقة الطريق إذا بخبر انتقال اسحق من العالم قد حلّ المشكلة. كانت أيامه الأخيرة في سلام بعد أن أقام على الكرسي ثلاثة وعشرين عامًا، إذ تنيح في 16 برمهات سنة 468 ش (767م). القس منسى يوحنا: تاريخ الكنيسة القبطية، الجيل الثامن.


تاريخ استيلاء عمرو بن العاص على مصر - الحلقة الخامسة - من اقوالهم و افعالهم فى ما بعد الغزو


ومن أقوالهم تنطق الحقيقة في غزو مصر:

* ابن العاص يقتل بطرس ويستولي على أمواله[
/color]
عن هشام بن أبي رقية اللخميّ: أن عمرو بن العاص لما غزا مصر قال لقبط مصر: إن من كتمني كنزاً عنده فقدرت عليه قتلته، وإنّ قبطياً من أرض الصعيد يقال له: بطرس، ذكر لعمرو: إن عنده كنزاً فأرسل إليه فسأله، فأنكر، وجحد فحبسه في السجن، وعمرو يسأل عنه: هل تسمعونه يسأل عن أحد؟ فقالوا: لا، إنما سمعناه يسأل عن راهب في الطور، فأرسل عمرو إلى بطرس، فنزع خاتمه، ثم كتب إلى ذلك الراهب : أن ابعث إليّ بما عندك، وختمه بخاتمه، فجاء الرسول بقُلَّة شامية مختومة بالرصاص، ففتحها عمرو، فوجد فيها صحيفة مكتوب فيها : ما لكمَ تحت الفسقية الكبيرة فأرسل عمرو إلى الفسقية، فحبس عنها الماء، ثم قلع البلاط الذي تحتها، فوجد فيها اثنين وخمسين أردباً ذهباً مصرياً مضروبة، فضرب عمرو رأسه عند باب المسجد، فأخرج القبط كنوزهم شفقاً أن يبغي على أحد منهم، فيقتل كما قتل بطرس. 

* لو أعطيتني من الأرض إلى السقف:

ثم حدث أن قدم صاحب أخنا على عمرو بن العاص فقال له : أخبرنا ما على أحدنا من الجزية فنصير لها. فقال عمرو، وهو يشير إلى ركن كنيسة : لو أعطيتني من الأرض إلى السقف ما أخبرتك ما عليك إنما أنتم خزانة لنا إن كثر علينا كثرنا عليكم، وإن خفف عنا خففنا عنكم 
[color="rgb(139, 0, 0)"]
ابن العاص يستحل مال قبطي:

عن يزيد بن أبي حبيب: إن عمرو بن العاص، استحل مال قبطيّ من قبط مصر لأنه استقرّ عنده أنه يُظهر الروم على عورات المسلمين، ويكتب إليهم بدلك، فاستخرج منه بضعاً وخمسين أردباً دنانير. 
[color="rgb(139, 0, 0)"]
ختم رقاب أهل الذمّة بالرصاص

قال ابن عبد الحكم: وكان عمرو بن العاص رضي الله عنه، يبعث إلى عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه بالجزية بعد حبس ما كان يحتاج إليه، وكانت فريضة مصر لحفر خلجها، وإقامة جسورها، وبناء قناطرها، وقطع جزائرها مائة ألف وعشرين ألفاً معهم الطور والمساحي والأداة يعتقبون ذلك لا يدعون ذلك صيفاً ولا شتاءً، ثم كتب إليه عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه : أن تختم في رقاب أهل الذمّة بالرصاص، ويظهروا مناطقهم، ويجزوا نواصيهم ويركبوا على الأكف عرضاً، ولا يضربوا الجزية إلا على من جرت عليه الموسى، ولا يضربوا على النساء، ولا على الولدان، ولا تدعهم يتشبهون بالمسلمين في ملبوسهم.
[/color][color="rgb(139, 0, 0)"]
الجزية على الأموات

قال يحيى: فنحن نقول: الجزية جزيتان: جزية على رؤوس الرجال، وجزية جملة تكون على أهل القرية يؤخذ بها أهل القرية، فمن هلك من أهل القرية التي عليهم جزية مسماة على القرية ليست على رؤوس الرجال، فإنا نرى أنّ من هلك من أهل القرية ممن لا ولد له ولا وارث إن أرضه ترجع إلى قريته في جملة ما عليهم من الجزية، ومن هلك ممن جزيته على رؤوس الرجال، ولم يدع وارثاً فإن أرضه للمسلمين.
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى حيان بن شريح: أن يجعل جزية موتي القبط على أحيائهم
[/color]
* إن شئت قتلت ، وإن شئت خمست، وإن شئت بعت

سمعت عمرو بن العاص يقول على المنبر: لقد قعدت مقعدي هذا وما لأحدٍ من قبط مصر علي عهد ولا عقد. إن شئت قتلت، وإن شئت خمست، وإن شئت بعت، إلا أهل أنطابلس فإن لهم عهداً يوفى لهم به. 
[color="rgb(139, 0, 0)"]
يأخذون الجزية حتى ممن أسلم

وأول من أخذ الجزية ممن أسلم من أهل الذمّة: الحجاج بن يوسف، ثم كتب عبد الملك بن مروان إلى عبد العزيز بن مروان: أن يضع الجزية على من أسلم من أهل الذمّة، فكلمه ابن حجيرة في ذلك فقال: أعيذك بالله أيها الأمير أن تكون أوّل من سنّ ذلك بمصر، فواللّه إن أهل الذمّة ليتحملون جزية من ترهب منهم، فكيف نضعها على من أسلم منهم فتركهم عند ذلك.
[/color][color="rgb(139, 0, 0)"]
أما يوحنا النقيوسي الشاهد القبطي العيان الوحيد على فظائع الغزو العربي الإسلامي لمصر فيصف الأحداث (67
) :

في الفصل ( 112 ) : حين يتحدث عن استيلاء العرب على إقليم الفيوم وبويط فيقول:"إن العرب استولوا على إقليم الفيوم وبويط، وأحدثوا فيهما مذبحة هائلة، مات فيها خلق كثيرون من الأطفال والنساء والشيب"
[/color][color="rgb(139, 0, 0)"]
ويذكر يوحنا النقيوسي في الفصل (113) احتلال العرب لأتريب ومنوف:
 
" أن عمرو قبض على القضاة الرومانيين وقيد أيديهم وأرجلهم بالسلاسل والأطواق الخشبية، ونهب أموالا كثيرة وضاعف ضريبة المال على الفلاحين وأجبرهم على تقديم علف الخيول، وقام بأعمال فظيعة عديدة..."[/color]
[color="rgb(139, 0, 0)"]
و يصف في الفصل (118) وقائع الاستيلاء على نقيوس (بعد هروب الجيش الروماني من المدينة) فيقول:

" أتى المسلمون بعد ذلك إلى نقيوس واستولوا على المدينة ولم يجدوا فيها جنديا واحدا يقاومهم، فقتلوا كل من صادفهم في الشوارع وفي الكنائس، ثم توجهوا بعد ذلك إلى بلدان أخرى وأغاروا عليها وقتلوا كل من وجدوه فيها، وتقابلوا في مدينة صا باسكوتارس ورجاله الذين كانوا من عائلة القائد تيودور داخل سياج كرم فقتلوهم، وهنا فلنصمت لأنه يصعب علينا ذكر الفظائع التي ارتكبها الغزاة عندما احتلوا جزيرة نقيوس في يوم الأحد 25 مايو سنة 642 في السنة الخامسة من الدورة".
[/color][color="rgb(139, 0, 0)"]
ثم يقول في الفصل (121) من المخطوطة:
"ويستحيل على الإنسان أن يصف حزن وأوجاع المدينة بأكملها، فكان الأهالي يقدمون أولادهم للعرب بدلا من المبالغ الضخمة المطلوب منهم دفعها شهرياً، ولم يوجد هناك من يقوم بمساعدتهم، وقد تركهم الله ودفعهم إلى أيدي أعدائهم".
[/color]


منقووووول

و الى ما يستجد ..........



أقباط مصر في لمحة سريعة


بقلم نبيل المقدس
القبط من أعرق الشعوب الشرقية, فهم سلالة مصر القديمة "مصر الفرعونية" تتصل مدنيتهم بأقدم أزمنة التاريخ. ومن المآثر الغراء التي خَلدها التاريخ في أول عهد المسيحية زيارة الأسرة المقدسة لوادي النيل.
وتقول التقاليد إن الأقباط أخذوا التعاليم المسيحية عن الرسول "مرقس" الإنجيلي الذي يعتبر كاروز الديار المصرية وأول أساقفتها، وقد برز من بينهم علماء روحانيين مثل "أوريجانوس" و"أثناسيوس" و"كيرلس" وغيرهم الذين كَللوا بالمجد والفخار هامة الكنيسة -جماعة المؤمنين- في القرون الأولي من تاريخ الحياة المسيحية, وحملوا لواء العلوم الخاصة بالمبادئ المسيحية في ربوع الشرق, وبذلوا دماءهم رخيصة في سبيل الاعتصام بالحياة الجديدة (المسيحية).
وقد سجل التاريخ مناظرات يؤسف لها بين كرسيّ الإسكندرية والقسطنطينية حول مسائل تناولتها المجامع المسكونية, وخاصة في "نيقية" و"خلقيدونية". وأدى هذا الخلاف في آخر الأمر إلى انشقاق الأقباط ومعهم السريان والأرمن عن الكنيسة اليونانية الشرقية, واستقلال كل منها بشئونها الروحية وتنصيب أساقفتها، وكانت مصر قبيل الفتح العربي ولاية تابعة للدولة الرومانية الشرقية في بيزنطة, فلم يكن منهم إلاّ أن أبطلوا استعمال اللغة اليونانية في كنائسهم, ومهدوا للعرب سبيل الاستيلاء على مصر في عام 640 م... وقد أراد الفاتحون الاعتراف بهذا الجميل, فظاهروا القبطي "بنيامين", وطردوا البطريرك اليوناني من البلاد بذلك لتنقطع بذلك كل الصلات مع كرسي بيزنطة.
ولأن كان الأقباط قد لقوا القليل من التسامح في بدء الفتح العربي, فإن الولاة الذين أقيموا عليهم فيما بعد كانوا أشر من أباطرة اليونان, فأسقوهم كل صنوف الإذلال والظلم, ولما أشتد الضغط ثار القبط أكثر من مرة ولكن ثوراتهم قمعت بالقسوة والعنف, ونكل بهم أشد تنكيل. حتى أضطر الأساقفة إلى الهجرة, وتحوّل خلق كبير من المصريين إلى الإسلام فراراً من الاضطهاد والموت.
وفي أوائل القرن الثامن تحولت كتابة الدواوين من القبطية إلى العربية, وطرد الأقباط من وظائفهم لأقل سبب, ولكن الحكام كانوا يعيدونهم في أحوال كثيرة كلما أحسوا بعدم إمكانية الاستغناء عنهم وعن خدماتهم والحاجة إلى خبراتهم ودرايتهم.
وفي أوائل القرن الرابع عشر ثار المسلمون على القبط بتحريض أحد الدراويش فهدموا كنائس القطر المصري وأحرقوها بالنار, وحدث شغب عظيم كان يقتل فيه الأقباط في الطرقات أينما ساروا وأقفلت كنائس القبط مدة سنتين كاملتين, ولم يكن يجرؤ أحد على الخروج من داره خفية. وهنا تدخل الإمبراطور البيزنطي وحمل الخليفة الناصر على الكف عن هذا الاضطهاد, فهدأت الحال إلى حد ما, ولكن حظر علي الأقباط ركوب الخيل أو البغال أو لبس العمامة البيضاء, ومن خالف الأمر حكم عليه بالموت. وكان الدهماء لأتفه الأسباب يشنون الغارات علي الأقباط ويهدمون كنائسهم وينهبون منازلهم, وكانت الحكومة تشجع على هذا الاضطهاد في بعض الأحيان لحمل الأقباط على اعتناق الإسلام, كما حدث مثلاً في عهد الخليفة المتوكل في القرن الرابع عشر وغيره من الأسلاف.
وبعد العرب دانت مصر للعثمانيين, فلم يكن الأقباط بأوفر حظاً في عهدهم, فتحول كثيرون منهم إلى الإسلام بعد الفتح التركي, وتناقص عددهم بسبب اضطهاد باشاوات الترك الذين كانوا يسلبونهم أموالهم, وقيل إن عددهم نقص في القرن السابع عشر إلى مائة وخمسين ألفاً بعد أن كانوا عند الفتح العربي سبعة ملايين.
وجاء نابليون بعد الترك وتظاهر بأنه تحوّل إلى الدين الإسلامي وتبعه قائد الجيش الجنرال مينو الذي سمىَ نفسه عبد الله وتزوج بابنة أحد عامة الشعب، ولم يأتي القائد الفرنسي بهذا العمل حباً في الدين الإسلامي بل لاسترضائهم، وكان من جراء هذا أن ذل الأقباط في عصر الفرنسيس مثلما فعل فيهم كل من اليونانيين والعرب والترك.
وها هُم جميع الأقباط المصريين يجاهدون ويكافحون إلى أن جاء عهد "محمد علي" الكبير مؤسس مصر الحديثة فأحسن معاملة المسيحيين إلى حد ما... وأكرم بعض الرجال المسيحيين, لكي ينتفع بهم في خدمة الدولة، فتنفسوا الصعداء في عصره وعصور خلفائه, وتمتعوا بالحرية في ممارسة الطقوس الروحية التي حرموها دهوراً طويلة.
وما تزال الكنيسة القبطية محافظة على تقاليدها القديمة, مجاهدة في سبيل الاحتفاظ بحرياتها الروحية كاملة.
تارة تمر بعصر اضطهاد شديد, وتارة تمر بعصر اضطهاد أشد ... إلى أن جاء الاحتلال الإنجليزي وأجبر ولاة مصر الأغراب عن التخفيف الكلي عن المسيحيين، وتتابعت الأحداث وجاءت ثورة 1919 وأتحد المسيحيين مع المسلمين في هذه الثورة... لكن كل هذه الوحدة كانت عمليات ظاهرة فقط.. لكنهم كانوا يخفون في صدورهم الكُره والضغينة ضد المسيحية.. إلى أن جاءت الثورة 1953 وأتى تتظاهر حتى يومنا هذا بأحقية مَن يعيش الحياة المسيحية بأن يمارس حياته بالكامل من حقوق وواجبات.
ما زالت المسيحية تقابلها حتى الآن الصعوبات والمشاكل لكن وعد الرب لنا أن جميع قوّىَ الشر لا تقدر أن تقف أمام الكنيسة المصرية "جماعة المؤمنين".
تعالوا بنا نرنم لوحدة كنيستنا ونهتف ونقول:
إن كنيسة العلي....... واحدة طول المدى
والرب سيد لها....... يحفظها من العدى
خليقة جديدة....... بالماء والكلمة
جاء لكي ينقذها....... من أسرها بالنعمة
اقتباس من ((عشرون قرناً في موكب التاريخ))
إعداد وتلخيص / نبيل المقدس

تاريخ استيلاء عمرو بن العاص على مصر - الحلقة الرابعة - من 643م الى آخر658 م

تاريخ استيلاء عمرو بن العاص على مصر:

الحلقةالرابعة : من 643م الى آخر658 م


وبعد دخول العرب الاسكندرية بعامين كاملين ، وفي خريف سنة 644م ، عاد البابا بنيامين البطريرك القبطي بعد هروب دام 13 عام . عشر سنين في عهد الرومان وحكم المقوقس، وثلاث سنوات في مدة حكم العرب.
فالبابا بنيامبن لم يعد مباشرة بعد استقرار أجزاء كبيرة من مصر في يد العربان بل انتظر ما يقرب من ثلاث سنوات بعد الغزو العربي ، وسنتين بعد سقوط الاسكندرية ليظهر مرة أخرى ، مما يؤكد على نظرة الأقباط للعرب كمحتلين غازين ينشرون الرعب والدمار لا الأمان والسلام .

* الخلاف حول الجزية ... إنما هو فئ المسلمين


كانت العلاقة بين الخليفة عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص، علاقة متوترة وغير طيبة، وقد كرر ابن الخطاب إرسال خطابات شديدة اللهجة وغير ودية إلى ابن العاص، يؤنبه فيها بشدة، على تأخيره في إرسال الخراج، من الأموال والخيرات إلى دار الخلافة بمكة.
ويقول ابن الخطاب في أحد خطاباته:


"أما بعد فإني عجبت من كثرة كتبي إليك في إبطائك بالخراج ....ولم أقدمك إلى مصر أجعلها لك طعمة ولا لقومك، ولكني وجهتك لما رجوت من توفيرك الخراج ومن حسن سياستك، فإذا أتاك كتابي هذا فاحمل الخراج فإنما هو فئ المسلمين وعندي من قد تعلم قوم محصورون والسلام".
فلك يلبث أن أرسل الخليفة عمر بن الخطاب (محمد بن سلمة) إلى مصر و أمره أن يجبي ما استطاع من المال فوق الجزية التي أرسلها عمرو بن العاص من قبل. ثم أرسل بعد ذلك عبد الله بن سعد بن أبي سرح في أكتوبر 644م ، وولاه حكم الصعيد والفيوم، وجباية الخراج وترك عمرو لقيادة الجيش .

ثم قتل الخليفة عمر بن الخطاب ودفن (7 نوفمبر 644م) ،
وتولى بعده عثمان بن عفان في خلال ثلاثة أيام (10 نوفمبر 644م) .

ويذكر ، أنه عندما تولى عثمان الخلافة ، عزل عمرو بن العاص عن ولاية مصر تماما، وجمع ولايتها جميعها لعبد الله بن أبي سرح، وكان يقيم في مدينة (شطنوه) في إقليم الفيوم. وقد اختلفت الآراء في هذا الوالي الجديد لمصر، فيصفه الطبري بأنه لم يكن في وكلاء عثمان أسوأ من عبد الله والى مصر. وقد ولاه الخليفة عثمان قصدا، لكي يزيد في جباية الجزية، وقد جعل عبد الله بن أبي سرح، أول همه زيادة الضرائب على أهل الإسكندرية.

وخرج عمرو بن العاص من مصر بعد عزله، وسار إلى المدينة ناقما على عثمان.

* ثم ثارت الأسكندرية على طغيان العرب في نهاية سنة 645م

ثم حدث أن قدم صاحب أخنا على عمرو بن العاص فقال له :
أخبرنا ما على أحدنا من الجزية فنصير لها.
فقال عمرو، وهو يشير إلى ركن كنيسة :
لو أعطيتني من الأرض إلى السقف ما أخبرتك ما عليك إنما أنتم خزانة لنا إن كثر علينا كثرنا عليكم، وإن خفف عنا خففنا عنكم ، وكان سبب نقض الإسكندرية وثورتها 

ثم بعث الإمبراطور قسطانز في القسطنطينية، بأسطول عظيم يتكون من حوالي 300 سفينة محملة بالجنود بقيادة منويل للاستيلاء على الإسكندرية، وكان بالمدينة حوالي ألف جندي من العرب للدفاع عنها، فغلبهم الروم وقتلوهم جميعا إلا نفراً قليلا منهم استطاعوا النجاة، وعادت بذلك الإسكندرية إلى ملك الروم، وكان عمرو عند ذلك في مكة معزولا عن الحكم . 


عودة عمرو بن العاص وموقعة نقيوس الثانية (آخر فصل الربيع 644م) 


لما وصلت أنباء ثورة الإسكندرية، إلى مكة، أمر الخليفة عثمان بأن يعود عمرو بن العاص إلى قيادة جيش العرب في مصر، وكانت نقيوس وحصن بابليون، وغيرها،لا تزال في يد العرب.

وسار الروم على مهل حتى اُستدرجوا إلى نقيوس، وهناك لقيهم طلائع العرب، ولعل جيشهم كان إذ ذاك خمسة عشر ألفا، ودارت معركة حامية بين الطرفين، انتهت بهزيمة جيش الروم، الذي انسحب إلى الإسكندرية، وأقفل الروم أبواب المدينة واستعدوا للحصار. 

* ودخلوها يقتلون، ويغنمون، ويحرقون

[color="rgb(139, 0, 0)"]
سقوط الأسكندرية للمرة الثانية بخيانة ثانية (صيف سنة 646م )[/color]


كما يقول بتلر في ص 357 :
إنا لا نكاد نعرف في تاريخ الإسكندرية، أنها أخذت مرة عنوة، بغير أن يكون أخذها بخيانة من داخلها. فقد قيل إنه كان في الإسكندرية، بواب اسمه (ابن بسامه) ، سأل عمراً أن يؤمنه على نفسه وأهله وأرضه ويفتح له الباب، فأجابه عمرو على ذلك.ومهما يكن من الأمر، فقد أخذ العرب المدينة عنوة، ودخلوها يقتلون، ويغنمون، ويحرقون، حتى ذهب في الحريق كل ما كان باقياً على مقربة من الباب في الحي الشرقي، ومن ذلك كنيسة القديس مرقس، واستمر القتل حتى بلغ وسط المدينة، فأمرهم عمرو برفع أيديهم، وبنى مسجداً في الموضع الذى أمر فيه عمرو برفع السيف، وهو مسجد الرحمة. وقد لاذت طائفة من جند الروم بسفنهم، فهربوا في البحر، ولكن كثيرا منهم قتل في المدينة، وكان منويل من بين من قتل، وأخذ العرب النساء والذراري فجعلوهم فيئاً. 

وهدم عمرو الأسوار الشرقية حتى سواها بالأرض. 
[color="rgb(139, 0, 0)"]
* كماسك البقرة بقرينيها، وآخر يحلبها[/color]


ولم يبق عمرو في مصر بعد استقرار الأمر إلا شهراً واحداً، ثم خرج وتركها لعبد الله بن سعد . حيث تم استدعاؤه في خريف سنة 646م إلى مكة ، ولما عرض الخليفة عثمان بن عفان على عمرو ابن العاص أن يجعله قائد جند مصر، على أن يكون عبد الله بن سعد بن أبى سرح، حاكمها وعاملا على ولاية خراجها، ولكن عمرو بن العاص رفض،
ورد قائلا:
إناّ إذن كماسك البقرة بقرينيها، وآخر يحلبها .
ولكن الخليفة لم يبق عليه إذ قد فرغ من غرضه منه، وقضى به على ثورة مصر، وكان في حاجة عند ذلك إلى من يستخرج له الأموال من أهلها، فوجد طلبته في عبد الله بن أبي سرح، وخرج عمرو على ذلك من البلاد. 


* تولية عمرو حاكما لمصر مرة أخرى في أغسطس سنة 658م 


ثم بعد مقتل عثمان، تولى الخلافة، علي بن أبي طالب، ولكن مبايعته للخلافة لم تكن بالإجماع، فثار نزاع دموي طويل، بين علي ومعاوية، انتهى بمقتل علي، وتنازل إبنه الحسن عن الخلافة لمعاوية.
وكان عمرو بن العاص موالياً لمعاوية في نزاعه مع علي، وجاء إلى مصر مناصراً له، فعينه معاوية بعد ذلك، واليا على مصر مكافأة له على مساعدته، ودفاعه عنه، ضد على بن أبي طالب



منقووووووووول


و الى اللقاء فى الحلقة الخامسة حيث .........



* جزية قائمة أحب إلينا من غنيمة تقسم
بداية الهجوم على الإسكندرية : آخر يونيو 641م :

فلما وصلوا إلى بلهيب (قرية الريش) بالقرب من الأسكندرية أرسل الحاكم إلى عمرو ابن العاص: إنيّ قد كنت أخرج الجزية إلى من هو أبغض إلىّ منكم معشر العرب لفارس والروم، فإن أحببت أن أعطيك الجزية على أن تردّ علىّ ما أصبتم من سبايا أرضي فعلت. فورد الجواب من عمر الخليفة : لعمري جزية قائمة أحب إلينا من غنيمة تقسم ثم كأنها لم تكن، وأما السبي فإن أعطاك ملكهم الجزية على أن تخيروا من في أيديكم منهم بين الإسلام ودين قومه فمن اختار الإسلام فهو من المسلمين ومن اختار دين قومه فضع عليه الجزية، وأما من تفرق في البلدان فإنا لا نقدر على ردهم .

فلم يعصمهم دين محمد من السرقة واستعباد الناس بالجزية بل هي أحب من غنيمة تقسم ، فهي غنيمة دائمة سنوية

سار بعدها عمرو بن العاص بجيشه متجها إلى الإسكندرية من ناحية الجنوب الشرقي للمدينة، وكانت الإسكندرية ، حتى القرن السابع أجمل مدائن العالم وأبهاها، فلم تبدع يد البناء قبلها ولا بعدها شيئا يعدلها، اللهم إلا روما وقرطاجنة القديمتين.


وكانت أسوارها منيعة تحميها آلات المجانيق القوية، فكانت محاولات عمرو لاقتحامها بدائية و طائشة غير موفقة، فرمت مجانيق الروم من فوق الأسوار على جنده وابلا من الحجارة العظيمة، فارتدوا باعدين عن مدى رميها، وقد تأكد عمرو أنه لن يستطيع أخذها بالهجوم لمنعتها بالبحر وقوة أسوارها

أما ما تركه الروم حول المدينة ، من قصور بديعة ومنازل جليلة فيما وراء الأسوار ، صار فيئا للعرب، فغنموا منها غنيمة عظيمة، وهدموا كثيرا منها ليأخذوا خشبها وما فيها من حديد، وأرسلوا ذلك في سفن بالنيل إلى حصن بابليون كي يقيموا به جسرا ليعبروا عليه إلى مدينة لم يستطيعوا من قبل أن يعبروا إليها.
ومضى أكثر من شهر يونيو، وعول عمرو على أن يخلف في معسكره جيشا كافيا للحصار ، وأن يسير هو مع من بقي من الجنود، فيضرب بهم في منطقة مدن الدلتا شمال مصر.

[COLOR="rgb(139, 0, 0)"]
* مقاومة قبطية واحراق المسلمين للمزارع[/COLOR]

فسار عمرو بن العاص إلى( كريون) ومن ثم إلى (دمنهور) ثم سار إلى الشرق يجوس خلال الإقليم الذي يعرف اليوم باسم الغربية، حتى بلغ (سخا) ، وكان موضعا حصينا، ولم يفلح عمرو في غزوها أمام المقاومة القبطية
فساروا نحو الجنوب ولعلهم اتبعوا (بحر النظام) حتى بلغوا (طوخ) ومن (طوخ) ساروا إلى (دمسيس) ، وقد ارتدوا كذلك عن هاتين القريتين ولم يستطيعوا غزوهما ، ولم يجد أهلهما الأقباط مشقة في صد العربان.

ويرد مع هذه الأخبار ذكر غزوة للقرى التي على فرع النيل الشرقي، قيل إن العرب قد بلغوا فيها مدينة (دمياط) ، ولعل تلك الغزوة كانت على يد سرية عمرو في هذا الوقت نفسه. ولم يكن من أمرها غير إحراق المزارع، وقد أوشكت أن ينضج ثمرها، فلم تقع أيا من المدائن في الدلتا في خلال 12 شهر .
فكانت المقاومة القبطية شوكة في حلوق العربان لفترة على الأقل ، ومحطمة لأسطورة إسلامية كاذبة تدعي ترحيب الأقباط بالمسلمين إلى مصر . والحقيقة أنهم رأوا المسلمين غزاة مثل الرومان .



*[COLOR="rgb(139, 0, 0)"] خيانة المقوقس

ولما عاد قيرس المقوقس إلى مصر في 14 سبتمبر 641م [/COLOR]
: بأمر من هرقلوناس، كتب تسليم الاسكندرية للعرب في 8 نوفمبر 641م مؤكدا رغبته الدفينة في الخيانة من أجل نوال سلطة على الكنيسة القبطية ، فقد كان على صلات حميمة مع عمرو بن العاص ، حتى أنه طلب من عمرو صديقه ثلاث طلبات منها أن يدفنه في بخنس مما يشير خيانة واضحة وعلاقة حميمة مع عدو من أجل السلطة 
فلما عاد عمرو فاشلا من غزو الدلتا إلى بابليون ، وافاه المقوقس وقد جاءه يحمل عقد الإذعان والتسليم، فرحب به عمرو وأكرم وفادته.
وكتب عقد الصلح (صلح تسليم الإسكندرية) ، يوم 8 نوفمبر 641م وأهم شروطه:
دفع الجزية وهدنة لتوقف القتال ،
والسماح للروم بالرحيل (دون الأقباط) معهم متاعهم وأموالهم من الاسكندرية ،
وأن يمنع المسلمين أيديهم عن المسيحيين وكنائسهم ،
وأن يباح لليهود البقاء في الاسكندرية 

أمضي عهد الصلح في بابليون ، وأقره عمر بن الخطاب ثم هرقلوناس . ثم دعا المقوقس كبار قواد الجيش وعظماء رجال الدولة في الاسكندرية ، وأقنعهم بالفوز المشئوم ، وما هو بفوز، وبدون هذا الصلح والتسليم الغير مبرر لمدنية كانت من الممكن أن تصمد على الأقل لثلاث سنين ، أثبت التاريخ أن أقوى الأسلحة في الحروب هي الخيانة من وراء الأسوار)


* العرب وأول جزية من الأسكندرية في 10 ديسمبر 641م :


وتعجب أهل الاسكندرية ، وقد فاجأهم طلوع فئة من العرب على المدينة، لم يأتوا ليقاتلونهم، بل ليحملوا الجزية التي اتفق عليها قيرس المقوقس في عقد الصلح ، ولما هاج الناس ، استطاع قيرس (المقوقس) بما أوتي من بلاغة وفصاحة على تخفيف جنايته، وتهوين خيانته، في مقالته التي قالها بين الناس، وجعل يبرر ما كان منه.

* ومات قيرس (المقوقس) مغضوبا عليه من الأقباط والرومان على حد سواء (41) بأصابته بداء (الدوسنطاريا) Dysentery في يوم أحد السعف، ومات منه في يوم الخميس الذي بعده في 21 مارس 642م.


* القتال للاستيلاء على مدن شمال الدلتا والمقاومة القبطية -يوليو 642م :


قاوم الأقباط الغزو العربي الإسلامي في مدن شمال الدلتا، مثل: إخنا ، رشيد ، البرلس ، دمياط ، خيس ، بلهيب ، سخا ، سلطيس ، فرطسا ، تنيس ، شطا ، وغيرها.
واستمرت مقاومة المصريين للعرب في منطقة الدلتا وظلت إلى ما بعد سقوط الإسكندرية، ومنهم أهل تنيس وما يليها من البلاد الواقعة في إقليم تلك البحيرة، الذين كانوا من القبط الخلص، تنبض قلوبهم بما تنبض به قلوب القبط، " وسار المسلمين لغزو تنيس، فبرز لأهلها، وقاتلهم قتالاً شديداً، حتى قتل [قائدهم] في المعركة بعدما أنكى فيهم، وقتل منهم، فحمل من المعركة، ودفن في مكانه المعروف به، خارج دمياط " 

* ولما عقدت معاهدة تسليم الإسكندرية بين المقوقس والعرب، كان من شروطها أن جنود الروم ومن حل بالإسكندرية من الرومان لهم الخيار إذا شاءوا جلوا عنها بحرا وبرا، وأما القبط فلم يذكروا فيه بشيء، فلما رأى اللاجئون بالإسكندرية أن السفن تحمل كل يوم طوائف من الناس إلى قبرص ورودس وبيزنطة، قلقوا وحنوا إلى الرجوع إلى قراهم، فذهبوا إلى المقوقس وطلبوا إليه أن يكلم لهم عمراً في ذلك، وكانوا يعرفون صلته الوثيقة بقائد العرب، ولكن الظاهر أن عمراً لم يبيح لهم الجلاء، إذ كانت الحرب لا تزال ثائرة في بعض قرى الدلتا ، وكان أكثر اللائذين إلى الاسكندرية من هذه المدن ، فلو أبيح لهم الرجوع إلى قراهم لما أمن أن يقاتلوا جنود المسلمين بأنفسهم، أو أن يمدوا المدائن التي كانت لا تزال مصرة على القتال ولم يغزها المسلمون بعد.

غير أن قيرس (المقوقس) آلمه ألا يجيبه عمرو إلى طلبه، وكان ألمه من ذلك شديداً، فقد كان يطمع أن يستميل إليه بعض القبط، ولعله كان يرمي من وراء ذلك إلى أن ينسيهم شيئا من حقدهم عليه، فكان هذا الرفض الذي رفضه عمرو لطلبه، ضربة شديدة أصابت سياسته في هذا الشأن. وكان ذلك قبل وفاته مباشرة

* ما يقرب من 170 ألف قتيل و 600 ألف أسير في أثناء الحصار وبعده


جلاء الروم الأول عن الإسكندرية في 17 سبتمبر 642م :

كان يقوم على ترحيل جنود الروم من الإسكندرية ومن بلاد الدلتا ، اثنان من القادة، هما (تيودور) الذي أصبح حاكم مصر بعد موت المقوقس و(قسطنطين) الذي أصبح القائد الأعلى لجيش الروم بعد (تيودور) .
وكان العدد التقريبي للروم بالإسكندرية 200 ألف من الرجال 


وفي 17 سبتمبر 642م :

، كانت حوالى 100 سفينة من أسطول الروم تحل قلاعها وترفع مراسيها وتسير إلى قبرص بمن كان عليها من فلول الروم الذين كان يقدر عددهم بنحو ثلاثين ألف (30 ألف ) جندي، يحملون معهم متاعهم، ويرفف عليهم الأسى. وبقي من بقي من الأسارى فأحصي يومئذ ستمائة ألف، سوى النساء والصبيان . أي أنه من بين 200 ألف لم ينجو سوى 30 ألف ، ففاقت عدد الضحايا أثناء الحصار والجلاء 170 ألف والأسرى 600 ألف رجالا خلا النساء والأطفال

ثم دخل العرب بجيوشهم لأول مرة الاسكندرية بعد جلاء الرومان وانتهاء الهدنة (11 شهر) في 29 سبتمبر 642م العرب ، وفي نفس الليلة التي دخلها عمرو، هرب منها سبعون ألف يهوديّ ... ربما لمعرفتهم بمدى توحش العرب من حروبهم السابقة



منقووووول

و الى الحلقة الرابعة حيث .......

تاريخ استيلاء عمرو بن العاص على مصر: الحلقة الثانية :
من 641 م الى مايو642 م
حتى موت قسطنطين ابن هرقل


واستمر القتال حول حصن بابليون إلى قرب نهاية عام 640 :

بعد رفض هرقل لمعاهدة المقوقس، حول حصن بابليون ، إلى أن وصلت الأخبار بموت هرقل. في11 فبراير 641م ، وكان لهذا أثرا سيئا على الجنود أدى إلى عرض قائد الحصن جورج الاستسلام ، وتسلم العربان حصن بابليون في إبريل 641م . 

* فقتلهم وخربها :
في الطريق إلى نقيوس (خربة وردان) :

في الطريق إلى نقيوس أخرب عمرو قرية "خربة وردان" وكان عمرو حين توجه إلى الإسكندرية خرب القرية التي تعرف اليوم بخربة وردان، واختلف علينا السبب الذي خربت لأجله. فحدثنا سعيد بن عفير أن عمر لما توجه إلى نقيوس عدل وردان لقضاء حاجته عند الصبح فأختطفه أهل الخربة فغيبوه، ففقده عمرو وسأل عنه وقفا أثره فوجدوه فى بعض دورهم فأمر بإخرابها وإخراجهم منها، أم المصادر الإسلامية فتبرر بشاعة الحداثة بأن أهل الخربة كانوا رهبانا كلهم !! فغدروا بقوم من صحابة عمرو، ووجه إليهم وردان فقتلهم وخربها، فهي خراب إلى اليوم.
، ثم مر العرب بمدينة قديمة معروفة باسم طرنوتي، أو كما يسميها العرب الطرانة، وحدثت هناك موقعة انهزم فيها الروم، وواصل عمرو سيره إلى نقيوس.


* ولم يدعوا رجلا ولا امرأة ولا طفلا :
استيلاء العرب على نقيوس وما حولها في 13 مايو 641م :

وكانت مدينة نقيوس كائنة على فرع رشيد للنيل في الشمال الغربي من منوف وأشهر أساقفتها يوحنا النقيوسي، الذى عاصر الغزو العربي وكتب تاريخه المشهور كشاهد عيان على الغزو
وقد استطاع العرب أن يقتحموا الحصن ومدينة نقيوس ، بعد هروب قائد حاميتها الروماني (دومنتياس) الذي هرب سابقا من الفيوم ، وأكمل هروبه بالفرار إلى الإسكندرية، ودخلوا المدينة وأوقعوا بأهلها وقعة عظيمة،

قال يوحنا النيقوسي: "فقتلوا كل من وجدوه في الطريق من أهلها، ولم ينج من دخل الكنائس لائذا، ولم يدعوا رجلا ولا امرأة ولا طفلا، ثم انتشروا فيما حول نقيوس من البلاد فنهبوا فيها وقتلوا كل من وجدوه بها، فلما دخلوا مدينة (صوونا) ، وجدوا بها (اسكوتاوس) وعيلته وكان يمت بالقرابة إلى القائد (تيودور) وكان مختبئا في حائط كرم مع أهله، فوضعوا فيهم السيف فلم يبقوا على أحد منهم".
فكان هذا دليلا على توحش العرب ، وكراهية الأقباط لهم ، وأن العرب لم يفرقوا بين الروم والأقباط فأمعنوا القتل في كلاهما .

* وقتل منهم المسلمون مقتلة عظيمة
كوم شريك ومذبحة كريون:


وبعد مذبحة نقيوس والاستيلاء عليها، واصل العرب سيرهم ، وعلى مشارف الأسكندرية بلغ عمرو مريوط، فلقي فيها طائفة من الروم، فقاتلهم قتالاً خفيفاً، وهزمهم ، ومضى عمرو بمن معه حتى لقي جمع الروم بكوم شريك، فاقتتلوا ثلاثة أيام، فغلبهم المسلمون. 

ثم التقوا بسلطيس، فاقتتلوا قتالاً شديداً، ثم هُزم القبط ، ثم التقوا في مدينة كريون وهي آخر سلسلة من الحصون بين حصن بابليون والإسكندرية، وكان لها شأن عظيم في تجارة القمح، و كان لها أيضا خطر عظيم في الحرب، إذ كانت تشرف على الترعة التي عليها جل اعتماد الإسكندرية في طعامها وشرابها، ولكن حصونها لم تكن قوية مثل حصن بابليون ولا حصن نقيوس. وحدث هناك قتال عنيف، و كان قتالا شديدا استمر بضعة عشر يوما.
وكانت معركة تساوت فيها الكفتان وجرح فيها عبد الله بن عمرو ، فلما بلغ خبره لعمرو صلى صلاة الخوف
ثم قتل منهم المسلمون مقتلة عظيمة وأتبعوهم حتى بلغوا الإسكندرية .
وبغزو العرب لكريون، خلا أمامهم الطريق إلى الإسكندرية، وكان عدد جيش عمرو عشرين ألفا حينئذٍ ، غير الحاميات التي تركها في بابليون ونقيوس وغيرها. 

ثم مات قسطنطين ابن هرقل في 25 مايو 641م (مائة يوم من الحكم فقط) : الذي كان مستعدا للحرب بجيوش أبيه
وبموته ، آل الحكم كله إلى أخيه هرقلوناس، الذى آثر الصلح ، وأعد العدة لإرجاع المقوقس إلى مصر ليصالح العرب . (28)

منقوووووووول 


و الى الحلقة الثالثة حيث.............

اسامى اديرة صعيد مصر بالترتيب من الجيزة الى اسوان


الترجمة .. English & عربى

الصعيد عامر بأثارنا المسيحية من الاديرة والكنائس الاثرية

الاثار القبطية الاثرية فى صعيد مصر
Ancient Coptic monuments in Upper Egypt

اديرة محافظة الجيزة
Convents of the mandate of Giza
¯`°¤.¸.¤.¸.¤°´¯
دير القديس قزمان ودميان
1 - Monastery of St. Cosmas and Damian
دير القديس ابى سيفين بطموه
2 - Monastery of St. Abe Seven- Btmoh
دير القديس الامير تادرس . بمنا الامير
3 - Monastery of St. Tadros Prince - Prince Bmna
دير الرسل- اطفيح
4 - Monastery of the Apostles - Atfeh

■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■

اديرة محافظة بنى سويف
Convents of the mandate of the Beni Suef
¯`°¤.¸.¤.¸.¤°´¯
مقر دير الانبا انطونيوس بوش
5 - The headquarters of the monastery of St. Anthony Bush
مقر دير الانبا بولا بوش
6 - The headquarters of the Monastery of Saint Anba Paula - Bush
دير السيدة العذراء مريم بياض
7 - Monastery of st the Blessed Virgin Mary-baead
دير القديس مارجرجس - سدمنت الجبل
8 - Monastery of St. George - Sdment mountain

■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■

اديرة محافظة المنيا
Convents of the mandate of the Minia
¯`°¤.¸.¤.¸.¤°´¯
دير القديس الانبا صموئيل المعترف - القمون
9 - Monastery of Saint Samuel the Confessor - Kalamoon
كنيسة دير الجرنوس
10 - Church of the Monastery Jernos
دير السنقورية
11- Monastery Alsnforea
كنيسة ابونا عبد المسيح المقارى بالمناهرة
12 - Church of St. Christopher "Elmakarie - Almnahra
كنيسة القديس ابو قسطور القس
13 - Church of St. abou Kstor Rev.
كنيسة الشهيد ابسخيرون القلينى
14 - Church of St. Abshkeren Al Kaleny
دير السيدة العذراء مريم - بجبل الطير
15- Monastery of St Mary - Mountain Bird
دير القديس اباهور - بسوادة
16 - Monastery of St. Abahor - Psoada
دير القديس ابو فانا غرب قصر هور ملوى
17 - Monastery of st Abu Fana - arab qaser Hor malawy
دير ابو حنس شرق ملوى
18 - Monastery of St.abu Hns - East malawy

■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■

اديرة محافظة اسيوط
Convents of the mandate of Assiut
¯`°¤.¸.¤.¸.¤°´¯
دير الامير تادرش - شرق صنبو
19 - Monastery of St. Prince Tadros - East Sanbo
دير السيدة العذراء مريم - المحرق القوصية
20 - Monastery of St Mary - Muharraq alQusiya
دير السيدة العذراء مريم - جبل اسيوط
21 - Monastery of St Mary - Mount Assiut
كنيسة مارمرقس الرسول - اسيوط
22 - Church of St. Mark the Apostle Assiut
دير مارمينا المعلق - شرق ابنوب
23 - Monastery of St. Mina commentator - East Abnoub
دير الانبا هرمينا السائح البدارى اسيوط
24 - Monastery of St Herman, tourist - Badari
دير السيدة العذراء الجنادلة
25 - Monastery of St Mary Virgin - Ganadla

■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■

اديرة محافظة سوهاج
Convents of the mandate of Sohag
¯`°¤.¸.¤.¸.¤°´¯
كنيسة القديس ابو فام الجندى الاوسيمى - طما
26 - Church of St. Pham soldier - Tama
دير القديس ابونا يسى ميخائيل - طما
27 - Monastery of St. yasa Michael - Tama
كنيسة الشهيد كيرياكوس وامه يوليطة - طهطا
28 - Church of St. Kyriakos and his mother Iolaita - Tahta
دير القديس كبريانوس ويوستينا - المراغة
29 - Monastery of St Cyprianus and Joostina - Maragha
دير القديس الانبا شنودة - جبل ادريبة الغربى
30 - Monastery of St. Shenouda - Mount Adreba Western
دير القديس الانبا شنودة - برية شنشيف - اخميم الشرقى
31 - Monastery of Saint Shenouda - wild Cnchev - Akhmem East
دير السيدة العذرا مريم - اخميم
32 - Monastery of St Virgin Mary - Akhmem
دير الشهداء - اخميم
33 - Monastery of the martyrs - Akhmem
دير ارئيس الملائكة ميخائيل - اخميم
34 - Monastery of the Archangel Michael - Akhmem
دير القديس الانبا توماس السائح - ساقلته اخميم
35 - Monastery of St Thomas Travel - Saqolth Akhmim
دير القديس الانبا بيجول والانبا بيشاى الجبل الغربى
36 - Monastery of St Anba Bigol and anba Bichai - Mountain West
مزار القديس بولس العابد المقارى - مقابر دير الانبا شنودة الغربى
37 - Shrine of St. Paul Abid Elmakarie - Tombs of Deir Anba Shenouda the western
دير القديس تاوضروس المشرقى الصوامعة
38 - Monastery of St. Prince Tadros Levantine - alsawamaa
دير القديس الابنا باخوم و اخته الشهيدة ضالوشام - الصوامعة
39 - Monastery of St. anba Bochum and his sister Dhalusham - alsawamaa
دير القديس مارجرجس الحديدى - العيساوية اخميم
40 - Monastery of St. George Railway - Eisaweyah Akhmim
ير القديس الانبا بسادة - شرق المنشاة اخميم
41 - Monastery of St anba besada of - East of the plant Akhmeem
دير الملاك - شرق جرجا
42 - Monastery of Archangel - East Gerga

■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■

اديرة محافظة قنا
Convents of the mandate of Qana
¯`°¤.¸.¤.¸.¤°´¯
مزار المتنيح القديس الانبا مكاريوس - مطرانية قنا
43 - Shrine of St Makarios - Diocese Qana
دير القديس مارجرجس - المحروسة شمال نقادة
44 - Monastery of St George - unguarded northern Nekada
دير الملاك - غرب نقادة
45 - Monastery of Archangel - West Naqada
دير الصليب والقديس الانبا شنودة - غرب نقادة
46 - Monastery of the Cross and St Shenouda - West Naqada
دير القديس اندراوس ابو الليف - غرب نقادة
47 - Monastery of St. Andrews, Abu alief - West Naqada
دير القديس مارجرجس - المجمع - غرب نقاده
48 - Monastery of St George - the compound - Western critics
دير القديس الانبا بسنتاؤس - غرب نقاده
49 - Monastery of St Psontaws - Western critics
دير القديس ماربقطر بن رومانوس - غرب نقادة
50 - Monastery of St. Marbaktr Ben Romanos - West Naqada
كنيسة القديس ابى سيفين - بصوص جنوب نقادة
51 - Church of St. Abe Seven - South Naqada sauce
دير الملاك - قامولا - نقادة
52 - Monastery of Archangel - Qamula - Naqada
دير القديس ماربقطر - حجازة - قوص
53 - Monastery of St. Marbaktr - Hegazah - Qus
دير القديس الانبا بضابا - بجع حمادى
54 - Monastery of St anba Bidaba - nag Hamady
دير القديس الانبا بلامون - القصر والصياد - نجع حمادى
55 Monastery of St Blamon - the palace and the hunter - Nag Hammadi
دير القديس مارمينا العجايبى - بهو - نجع حمادى
56 - Monastery of St Mina the wonderous - Lobby - Nag Hammadi
مزار عباس الغالى - بهجوره
57 - Shrine-e-Abbas Ghaly - Bahgourah

■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■

اديرة محافظة الاقصر
Convents of the mandate of the Luxor
¯`°¤.¸.¤.¸.¤°´¯
دير القديس الانبا باخوميوس - الشايب
58 - Monastery of Saint Pachomius - Shayeb
دير القديس تادرس المحارب - غرب الاقصر
59 - Monastery of St. Tadros Warrior - west of Luxor
مزار القديس الانبا ونس
60 - Shrine of St wanas
دير القديس مارجرجس - الريزيقات - جنوب ارمنت
61 - Monastery of St George - the Rizeigat - South Armant
دير القديسين - طموه ارمنت
62 - Monastery of Saints - of Tmowa Armant
دير القديس متاؤس الفاخورى - اسنا
63 - Monastery of St. Mattheos Fakhouri - Esna
كنيسة القديسة الام دولاجى - اسنا
64 - Church of St Mother Dolajy - Esna
مزار الثلاثة فلاحين - اسنا
65 - Shrine of the three martyrs of the peasants - Esna
مزار القديس بولس وبطرس - غرب اسنا
66 - Shrine of Saint Paul and Potrus - West Esna
دير الشهداء - غرب اسنا
67 - Monastery of the martyrs - West Esna

■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■

اديرة محافظة اسوان
Convents of the mandate of the Aswan
¯`°¤.¸.¤.¸.¤°´¯
دير القديس الانبا باخوميوس - حاجر ادفو
68 - Monastery of St Pachomius - hageer Edfu
كنيسة القديسة العذراء مريم والملاك - دراو اسوان
69 - Church of St.Virgin Mary and the angel - Aswan daraw
دير القديس الانبا هدرا السائح - غرب اسوان
70 - Monastery of Saint hedra Travel - West Aswan

اذكرنى فى صلاتك
Remember me in your prayers 


 للامانة

2010 العام الاسوأ بالنسبة للاقباط فى الاعوام الأخيرة

23/12/2010




2010 كان من اسوأ الاعوام الاخيرة بالنسبة للاقباط فى مصر حيث شهد هذا العام الكثير من الحوادث الارهابية و المسيئة للاقباط و الكنيسة فى مصر
1 ) الحادث الأليم و البشع و الذى راح ضحيتة 6 اقباط و عسكرى مسلم عشية عيد الميلاد اثناء خروجهم من الكنيسة فى نجع حمادى اذ برصاص طائش ينهال عليهم ليحول العيد الى مأساة حقيقة تعيشها أسر القتلى و الجرحى بل يعيشها كل أقباط مصر

2 ) تدخل الدولة عن طريق المحكمة الادارية العليا و صدار حكم بألزام البابا شنودة الثالث بالسماح للمسيحين بالزواج الثانى و هذا يعد تدخل واضح و غير مقبول فى العقيدة المسيحية التى تحافظ على وحدة الاسرة المسيحية

3 ) الموضوع الذى استغلة الكثيرين للترويج للاشاعات عن أختطاف الكنيسة لمسحيات تركن المسيحية على حد قولهم و هو موضوع السيدة كاميليا شحاتة التى قيل عنها انها تركت المسيحية و الكنيسة اختطفتها بعد ذلك و لكن ظهرت السيدة كاميليا فى فيديو خاص لها على جميع مواقع الانترنيت لتثبت انها مسيحية متمسكة بعقيدتها و تؤكد ان كل هذة الأشاعات لا اساس لها من الصحة هذا و قد اكدت وسائل الاعلام المصرية المحلية و الفضائية صحة هذا الفيديو لتنفى بذلك اى اشاعة تقول انها دوبلير للسيدة كاميليا او انها كانت مجبرة من قبل الكنيسة على تشجيل هذا الفيديو

4 ) و رغم هذا استمرت المظاهرات التى كانت قد بدأت قبل اطلاق هذا الفيديو على الانترنيت و التى تطالب على حد قولهم بالافراج عن السيدة كاملية المختطفة من قبل الكنيسة و كانت هذة المظاهرات الاسواء فى تاريخ المظاهرات فى مصر حيث تم فيها التهجم على البابا و الكنيسة و وصفهم بأبشع الالفاظ

5 ) أطلاق اشاعات تقول ان الانبا بيشوى قال ان المسلمين ضيوف على المسيحين فى مصر الامر الذى نفى البابا ان يكون حدث و تسبب ذلك فى ازدياد المظاهرات المسيئة للاقباط

6 ) لم يكون اضطهاد الاقباط من قبل المصريين فقط بل تطور الأمر و جاء للكنيسة تهديد من تنظيم القاعدة الارهابى عقب تفجيرها لكنيسة سيدة النجاة بالعراق و التى راح ضحيتها 52 شخصا غير العديد من الجرحى و تم ارسال تهديد من القاعدة للكنيسة القبطية الارثوذوكسية فى مصر تطالب فية على حد قولها بالافراج عن اسيرات الكنائس و امهلت فرصة يومين لرد الكنيسة و كان من الطبيعى الا يكون للكنيسة رد فى هذا الشأن لعدم وجود ما يطلق عليهم أسيرات بالكنائس لذا بعد أنتهاء المهلة اصدرت القاعدة بيان تقول فية ان المسيحين فى الشرق الاوسط أصبحوا اهداف مشروعة للمجاهدين

7 ) احداث ابو تشت و التى حرق فيها منازل العديد من الأقباط و حدث الكثير من الخسائر المالية

8 ) استمرار مشكلة بناء الكنائس فى مصر ففى العمرانية بالجيزة و قعت أحداث اقل ما توصف بة انها هجمات بربرية على مسيحين عزل من السلاح كل ما يقومون بة هو بناء كنيسة للعبادة فالمحافظة كانت قد اعطت تصريح لبناء مبنى خدمات هناك و عندما أكتمل هذا المبنى وجدوا او العمال يقومون ببناء قبة الامر الذى اثار المحافظة فيف يتم بناء كنيسة دون تصريح علما ان منطقة العمرنية منطقة عشوائية فقامت قوات الأمن بمهاجمة الكنيسة و قتل 2 من شبابها و اصابة العديد و القبض على 152 شخص و الامر المضحك فى هذا الموضوع انة بعد ايام قليلة أكتشف مسجد من 3 أدوار مخالف فى نفس المنطقة و لم يتحرك جندى واحد لايقاف البناء هناك

9 ) اصدار جريدة الاهرام مقال تحت عنوان أقباط 2010 بة الكثير من المغلطات و الاتهامات للبابا شنودة و الكنيسة ليس لها اى اساس من الصحة

10 ) تعيين جمال اسعد المعروف بمهاجمة الكثيرة للكنيسة و قداسة البابا شنودة فى مجلس الشعب الامر الذى اغضب الأقباط فما هو هدف النظام من مثل هذا القرار ؟

11 ) اعتكاف البابا شنودة من اجل الصلاة من اجل احوال ابنأوة الذين عانوا كثيرين هذا العام و من أجل الافراج عن معتقلى العمرانية حتى تم الأفراج عن معظمهم و أستمرار حبس 42 اخرين

12 ) تاجيل قضية نجع حمادى الى 16 يناير للنطق بالحكم حيث مر عاما باكملة على هذة الحادثة البشعة و لم ينطق بحكم عادل حتى الأن

فى النهاية نصلى للربنا يسوع المسيح جميعا ان يكون عام 2011 افضل من 2010 و ان ينتهى التمييز الدينى فى مصر و أن يحصل الاقباط على حقوقهم المسلوبة و ان ينتهى التعدى على مقدساتهم وعقيدتهم و ارواحهم و حقوقهم

تــاريـــخ الأقبــاط


كلمة أقباط تنحدر من الأصل اليوناني "ايجبتوس" والتي هي بدورها منحدرة من كلمة "ها كا بتاح" وهي واحدة من أسماء منفيس أول عاصمة في تاريخ مصر القديم. أما الاستخدام الحديث لكلمة "قبطي" فيعني مسيحيو مصر كما يستخدم هذا اللفظ للدلالة على آخر مرحلة من مراحل اللغة المصرية "القبطية". كما أنه يطلق أيضا على الفن والعمارة التي ظهرت مع دخول مصر في العصر المسيحي.

الفترة البطلمية: من 330 – 30 ق.م
 
بعد أن حكم الفراعنة مصر لمدة عدة آلاف من السنوات قبل التاريخ، تم إستعمار مصر بواسطة العرب والفرس ولكنهم لم يتركوا تأثيراً يُذكر على الثقافة المصرية. ثم غزا الاسكندر الأكبر مصر في سنة 332 ق.م وأسس مدينة الاسكندرية على الطراز الاغريقي.
 
هذا وقد أحكم المقدونيون البطالسة سيطرتهم على البلاد بعد حكم الاسكندر الأكبر. وفي خلال 300 عام من حكمهم، إستوطن كثير من اليونانيين في مدينة الاسكندرية التي انتعشت كمركز إشعاع للثقافة الهيلينية، الفسلفة، الفنون والتجارة. وبينما كان اليونانيون هم الطبقة الحاكمة كان للمصريويين دور هام في الحياة العامة والفنون وقد شجع الحكام الرومانيون ذلك.
 

الامبراطورية الرومانية: من 30 ق.م – 395 ب.م
 
كان لمصر إستقلال اقتصادي في الحكم البطلمي ولكن عندما غزا الرومان مصر سنة30ق.م، تم الحد من هذا الاستقلال اذ أعلن الرومان أن مصر مقاطعة رومانية وتم الاستيلاء على محصولاتها الزراعية وفرض الضرائب عليها. وقد كانت هذه الكوارث الاقتصادية سببا لانتعاش الحياة الروحية عند المصريون وزيادة إيمانهم بالحياة بعد الموت "البعث" كمفهوم ديني عرفته مصر منذ القدم.
 

إضطهد الرومان عدة ديانات في القرنين الثالث والرابع وعلى الأخص الديانة المسيحية. وقد كان عهد دقلديانوس هو ذروة الاضطهاد الذي لاقاه المسيحيون وقد بدأ التقويم القبطي في بدايةعصره "بداية عصر الشهداء". وقد تولى دقلديانوس سنة 284 م. وقد اُعتبرت هذه السنة، سنة 1 للشهداء على حسب التقويم القبطي. وربما يرجع إضطهاد الرومان للمسيحية بسبب سوء فهم حيث كان يُظن بوجود تعارض بين القيصر وبين الديانة المسيحية وخاصة أنه كان الأقباط يتولون مناصب قيادية في الدولة وفي الجيش.
العصر البيزنطي: 395 – 641 مأنهى الامبراطور قسطنطين الاضطهاد ضد المسيحيين في سنة 313م بواسطة مرسوم ميلان الذي تبنى مصالحة دينية واسعة. وفيما بعد تبنى الامبراطور قسطنطين الديانة المسيحية كديانة رسمية للدولة وللامبراطور. 
وفي منتصف القرن الرابع كانت الكنيسة غاية في التنظيم في مصر كما تم تدوين الكتاب المقدس وكتب القراءات باللغة القبطية. وكانت الأحرف اليونانية هي المستعملة في تدوين اللغة القبطية بالاضافة إلى بعض الأحرف من اللغة المصرية. كما إنتشرف وإزدهرت البراري بالرهبان.
وتعتمد الكنيسة القبطية على التعليم الذي تم إستلامه من القديس مار مرقس الرسول، وهو أحد الانجيليين الأربعة، بعد صلب رب المجد يسوع المسيح وقيامته بسنوات قليلة. وقد إنتشرت المسيحية في مصر في خلال نصف قرن منذ وصول القديس مار مرقس الرسول إلى الاسكندريةوقد عثر على نسخة من العهد الجديد في البهنسا بوسط مصر ويرجع تاريخها إلى سنة 200م. كما تم العثور على أجزاء من الانجيل حسب البشير يوحنا مكتوبة باللغة القبطية في صعيد مصر ويرجع تاريخها إلى النصف الأول من القرن الثاني الميلادي. والكنيسة القبطية كانت موضع نبؤات كثيرة في العهد القديم. كما أن مصر ذُكرت في الكتاب المقدس مرات كثيرة كما أنها إستقبلت العائلة المقدسة اضافة الى أن كثير من الأنبياء ورجال الله في العهد القديم قد ذهبوا اليها. أما النبؤة في أشعياء 19:19 فتقول "في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر وعمود للرب عند تخمها".
وقد حافظ الأقباط بكل القوة على هويتهم الدينية والعرقية في العالم المسيحي. كما أن للأقباط تاريخ عريق في الحفاظ على العقيدة. أما مجمع نيقية الذي تعترف به كل الكنائس فكان بطله هو القديس أثناسيوس الرسولي بابا وبطريرك الاسكندرية رقم 46 في الفترة من 327م – 373م. كما أن العائلة المقدسة قصدت مصر وقت الهروب من هيرودس لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل "من مصر دعوت إبني"مت15:2.
قدم الأقباط الكثير إلى المسيحية. فمنذ البداية تصدى الأقباط لكل البدع والهرطقات فقدم الأقباط الآف الكتب والدراسات ضد هذه البدع. أما الكتاب المقدس فقد تم ترجمته إلى اللغة القبطية في القرن الثاني الميلادي. وتحتوي المكتبات العالمية والمتاحف على الآف القطع من الكتب القبطية.
وتعتبر مدرسة الاسكندرية هي أقدم مؤسسة علمية في العالم. ففي سنة 190م كانت مكتبة الاسكندرية التي رأسها في هذا الوقت بنتينوس هي أهم مدرسة دينية في العالم في العلوم المسيحية. وقد تتلمذ في هذه المدرسة الكثير من الآباء الأساقفة وعلماء المسيحية من شتى بقاع العالم مثل أثناسيوس، إكليمندس، ديديموس الضرير وأوريجانوس الذي يعتبر أبو الدراسات الكتابية المقارنة. وقد كتب أوريجانوس أكثر من 6000 مدونة حول الكتاب والعقيدة إضافة إلى مدونته السداسية نظرا لأنها كتبت بستة لغات. وقد زار مكتبة الاسكندرية القديس جيروم للحوار والمناقشة مع علماء هذه المدرسة. وقد إهتمت مدرسة الاسكندرية بتدريس العلوم الأخرى مثل الرياضيات والعلوم الفيزيائية والعلوم الانسانية إضافة إلى العلوم الدينية. أما نظرية الدراسة بالاسئلة والأجوبة فقد بدأت في هذه المدرسة التي سبقت "برايل" بـ 15 قرنا في إختراع تقنية للكتابة البارزة لتعليم المكفوفين أيام ديديموس الضرير.
الرهبنة أيضا ولدت وترعرعت وإزدهرت في مصر على يد آباء الكنيسة القبطية الأوائل الذين سكنو الجبال والمغائر وشقوق الأرض وتركوا كل شئ من أجل اسم المسيح. وقد ظهرت الرهبنة في السنين الأخيرة من القرن الثالث الميلادي وإزدهرت في القرن الرابع. ويعتبر القديس الأنبا أنطونيوس الكبير أبو الرهبان في العالم كله وهو قبطي من صعيد مصر. أما الأنبا بولا أول راهب في العالم فهو أيضا قبطي. وإشتهر أيضا الكثير من الآباء الرهبان مثل الأنبا مكاريوس، القديس موسى الأسود ومار مينا العجايبي.. الخ. وفي نهاية القرن الرابع الميلادي زُينت البراري المصرية بمئات من الأديرة العامرة وآلاف لا تُحصى من القلالي في الجبال والصحاري. ولا يزال الكثير من هذه الأديرة عامرا بنعمة المسيح في عصرنا الحالي.

يُذكر أن القديس باسيليوس الذي نظم الرهبنة في أديرة آسيا الصغرى كان قد إعتمد على نظام الرهبنة المصري عندما زار مصر في سنة 357م. القديس جيروم الذي ترجم الكتاب المقدس الى اللاتينية زار مصر في سنة 400م. وكثيرون آخرون من الذين نظموا الحياة الديرية في العالم في القرن السادس نهلوا من نفس نظام الدير وحياة الشركة الرهبانية التي أسسها القديس باخوميوس في مصر.


هذا ومع الأسف فقد تم الصاق تهمة باطلة بالكنيسة القبطية المصرية في القرن الخامس الميلادي فيما يسمى "مجمع خلقيدونية". ربما يكون الذين اجتمعوا في هذا المجمع فهموا الكنيسة القبطية بطريقة صحيحة ولكنهم أرادوا ابعاد الكنيسة القبطية وعزلها هي وبطركها. ورغم كل ذلك لاتزال الكنيسة القبطية محافظة على عقيدتها كما تسلمتها من الآباء ووفقا للكتاب المقدس. ورغم سوء الفهم والخلاف الذي وقع في هذا المجمع إلا أن الأمل مازال معقودا على وحدة الكنيسة في قلوب كل المؤمنين. وقد سعى قداسة البابا شنودة الثالث البطريرك 117 في عداد بطاركة الاسكندرية في إقامة حوار مع كرسي روما وقد تم الخروج بوثيقة مشتركة إستنادا على آراء آباء الكنيسة قبل الانقسام الذي حدث في مجمع خلقيدونية.

وحاليا فالكنيسة القبطية الأرثوذكسية هي أحد مؤسسي مجلس الكنائس العالمي منذ عام 1948. كما أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عضو في مجلس كنائس أفريقيا والشرق الأوسط. ومازال هناك حوار جاري مع مختلف الكنائس.

ربما يعتبر أعظم ما يميز الأقباط هو الصليب الذي حملوه طول التاريخ وحتى الآن. فقد عانى الأقباط من الاضطهاد من الكثيرين. فكاروز الديار المصرية وهو القديس مار مرقس الرسول استشهد بأن تم سحله في شوارع الاسكندرية في 8 مايو سنة 68م حيث قام الرومان بتعذيبه وسحله في شوارع الاسكندرية يوم الاثنين بعد عيد القيامة مباشرة. ومنذ ذلك الوقت وكل الحكام، تقريبا، إضطهدوا الشعب القبطي. فقد بدأ الاضطهاد من الرومان ثم بواسطة الملكانيين أتباع ما يسمى بـ "مجمع خلقيدونية" في سنة 451م. ثم العرب الذين إحتلوا مصر في عام 641م وحتى الآن. ونظرا للاضطهاد الشديد الذي رآه الأقباط فقد إعتمدوا على التقويم الخاص بهم والذي يسمى تقويم الشهداء والذي بدأ في 29 أغسطس سنة 284م. (بداية حكم دقلديانوس) الذي إضطهد الأقباط إضطهاداً شديداً جداً حتى أن الأقباط إعتبروا أن هذا هو بداية التاريخ القبطي وتُسمى السنة القبطية بسنة الشهداء.

وقد بدأ التغيير الواضح للتركيبة السكانية لمصر مع بداية الألفية الثانية فقد عانى الأقباط من دفع الجزية وإضطهاد على يد الحكام العرب الذي تم في عهدهم تخريب معظم أديرة وكنائس مصر أيضا تم حظر التحدث باللغة القبطية إضافة إلى إضطهاد شديد مما تسبب في أنه مع القرن الثاني عشر أصبح أغلب سكان مصرهم من المسلمين.
أما القرن التاسع عشر فقد شهد تحسنا في حالة الأقباط في مصر تحت حكم محمد علي وأسرته. فقد شهد عام 1855 الغاء الجزية التي ظل الأقباط يدفعونها منذ الغزو العربي وبدأ بعدها السماح للأقباط بالانخراط في الجيش. أما في عام 1919 وقت ثورة مصر التي أعطتها شكلها الحديث فقد كان للأقباط دور هام وفعال في معظم نواحي إدارة البلاد. وقد تفاعل الأقباط مع كل الأحداث التي مرت بالبلاد في هذا الوقت.

لا يوجد احصاء دقيق وموثوق لعدد الأقباط فتتراوح الاحصائيات بين 6 مليون (وهي إحصاءات حكومية غير سليمة على الاطلاق) وإحصائيات أخرى تقول بأن عدد الأقباط حوالي 20 مليون. وعلى الأرجح أن الرقم الصحيح لعدد الأقباط يقع بين هذا وذاك فمعظم الأطراف المعتدلة تقدر عدد الأقباط بـ 12 مليون حاليا اضافة الى حوالي 1.5 مليون بالمهجر. وقد نجح الأقباط في تشييد كنائس كثيرة بالمهجر في الولايات المتحدة، كندا استراليا وأوروبا وآسيا وأفريقيا. ويعيش الأقباط في كل محافظات مصر ولكن يقل تواجدهم في محافظات الدلتا في شمال مصر ويتركز تواجدهم في الصعيد وخاصة في محافظات المنيا، أسيوط وسوهاج.

ومازال الاضطهاد قائما حتى الآن فبعد أن ظل الأقباط قرونا يدفون الجزية للعرب ثم للأتراك ويتعرضون فوق ذلك لاضطهاد على حسب ما يحلو للحاكم العربي أن يوقعه. فمازال الأقباط يعانون أشد المعاناة في حرية العقيدة. فبناء الكنائس تشوبه معوقات كثيرة مثل ضرورة أن يوافق رئيس الجمهورية على بناء كنيسة جديدة وحديثا أصبح موضوع هدم كنيسة وبناءها مرة أخرى وترميمها من اختصاص المحافظين ويجب التنويه الى أن دور العبادة الأخرى (المساجد) لا تخضع لهذه الشروط. كما يتعرض الأقباط الى تمييز ديني واضح واضطهاد يصل الى درجة المذابح في بعض الأحيان

باسم الاله الواحد. امين
الكنيسة المسيحية القبطية الأرثوذكسية في مصر



# هذه الصفحة مخلص عام لتاريخ الكنيسة القبطية، اضغط هنا لتفاصيل تاريخ الكنيسة القبطية عبر العصور، والمجامع المسكونية.



إن كلمة "قبطي" مشتقة من الكلمة اليونانية "أجيبتوس"، والتي إشتُقَّت بدورها من كلمة "هيكابتاه"، وهي أحد أسماء ممفيس، أول عاصمة لمصر القديمة. وحالياً، فكلمة "قبطي" تصف مسيحيو مصر، وكذلك آخر مرحلة للكتابة في مصر القديمة. وهي كذلك تصف الفن المُمَيَّز والعمارة التي نبعت من الإيمان الجديد.

إن الكنيسة القبطية مبنية على تعاليم القديس مارمرقس، الذي بشَّر بالمسيحية في مصر، خلال فترة حكم الحاكم الروماني "نيرون" في القرن الأول، بعد حوالي عشرون عاماً من صعود السيد المسيح. ومارمرقس هو أحد الإنجيليين وكتب أول إنجيل. وانتشرت المسيحية في كل أنحاء مصر خلال نصف قرن من وصول مارمرقس إلى الإسكندرية (كما هو واضح من نصوص العهد الجديد التي إكتُشِفَت في البهنسا، بمصر الوسطى، وتؤرَّخ بحوالي 200م.، وجزء بسيط من إنجيل القديس يوحنا، مكتوب بالغة القبطية؛ الذي وُجِدَ في صعيد مصر ويُؤرَّخ في النصف الأول من القرن الثاني). إن الكنيسة القبطية –وهي عمرها الآن أكثر من تسعة عشر قرناً من الزمان- كانت موضوع العديد من النبوءات في العهد القديم. ويقول إشعياء النبي في إصحاح 19، الآية 19: "وفي ذلك اليوم، يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر، وعمود للرب عند تخمها."

وبالرغم من الإتحاد والإندماج الكامل للأقباط في النسيح المصري، فقد إستمروا ككيان ديني قوي، وكوَّنوا شخصية مسيحية واضحة في العالم. والكنيسة القبطية تعتبر نفسها مُدافِعاً قوياً للإيمان المسيحي. وإن قانون مجمع نيقية –الذي تقرِّهُ كنائس العالم أجمع، كتبه أحد أبناء الكنيسة القبطية العظماء: وهو البابا أثناسيوس، بابا الإسكندرية، الذي إستمر على كرسيه لمدة 46 عاماً (من عام 327 حتــى عام 373). وإن مكانة مصر محفوطة جيداً في هذا الأمر، فهي التي هربت إليها العائلة المُقدّسة هرباً من وجه هيرودس: "فقام وأخذ الصبي وأمه، وإنصرف إلى مصر. وكان هناك إلى وفاة هيرودس، لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل: "من مصر دعوت إبني". (مت13:2-15)

إن مُساهمة الكنيسة القبطية في المسيحية لهي عديدة. فقد لعب دوراً هاماً في اللاهوت المسيحي... وخاصة لتحميها من الهرطقات الغنوسية. وقد حَمَت الكنيسة القبطية آلاف النصوص، والدراسات اللاهوتية والإنجيلية، وهي مصادر هامة لعلم الآثار. وقد تمت ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة القبطية في القرن الثاني. وإعتاد مئات الكتبة بنسخ نسخ من الكتاب المقدس وكتب طقسية ولاهوتية. والآن، تضم مكتبات ومتاحف وجامِعات في العالم أجمع مئات الآلاف من المخطوطات القبطية.

وتعتبر مدرسة الإسكندرية المسيحية هي أول مدرسة من نوعها في العالم، فبعد نشأتها حوالي عام 190 م، على يد العَلاَّمة المسيحي بانتينوس، أصبحت مدرسة الإسكندرية أهم معهد للتعليم الديني في المسيحية. وكثير من الأساقفة البارِزين من عِدَّة أنحاء في العالم تم تعليمهم في تلك المدرسة، مثل "أثيناغورَس"، و"كليمنت" (القديس كليمنضس السكندري)، و"ديديموس"، والعلامة العظيم أوريجانوس، الذي يُعتبر أب عِلم اللاهوت، والذي كان نَشِطاً كذلك في تفسير الكتاب المقدس والدراسات الإنجيلية المُقارنة. وقد كتب أكثر من 6000 تفسيراً للكتاب المقدس، بالإضافة إلى كتاب "هيكسابلا" الشهير. وقد زار العديد من العلماء المسيحيين مدرسة الإسكندرية، مثل القديس جيروم ليتبادل الأفكار ويتصل مباشرة بالدارِسين. إن هدف مدرسة الإسكندرية لم يكن محصوراً على الأمور اللاهوتية، لأن علوم أخرى مثل العلوم والرياضيات وعلوم الإجتماع كانت تُدَرَّس هناك. وقد بدأت طريقة "السؤال والجواب" في التفسير بدأت هناك. ومن الجدير بالذِّكر، أنه كانت هناك طرق للحفر على الخشب ليستخدمها الدارسون الأكفاء ليقرأوا ويكتبوا بها، قبل برايل بـ15 قرناً من الزمان! وقد تم إحياء المدرسة اللاهوتية لمدرسة الإسكندرية المسيحية عام 1893 م. واليوم لديها مبانٍ جامعية في الإسكندرية، والقاهرة، ونيوجيرسي، ولوس أنجلوس، حيث يدرس بها المُرَشَّحون لنوال سِرّ الكهنوت، والرجال والسيدات المؤهلون العديد من العلوم المسيحية كاللاهوت والتاريخ واللغة القبطية والفن القبطي.. بالإضافة إلى الترنيم والأيقنة (صنع الأيقونات) والموسيقى وصنع الأنسجة.

------------------------------------------------------------------

وقد نشأت الرهبنة في مصر وكانت ذات تأثير هام في تكوين شخصية الكنيسة القبطية في الإتضاع والطاعة، والشكر كله لتعاليم وكِتابات آباء برية مِصر العِظام (في بستان الرهبان، وغيره). وقد بدأت الرهبنة في أواخر القرن الثالث وإزدهرت في القرن الرابع. ومن الجدير بالذِّكر أن الأنبا أنطونيوس وهو أول راهب مسيحي في العالم، كان قبطياً من صعيد مصر. والأنبا باخوميوس الذي أسَّس نظام الشركة والرهبنة، كان قبطياً كذلك. والأنبا بولا، أوَّل السوَّاح كان قبطياً. وهناك العديد من مشاهير الآباء الأقباط، نذكر منهم على سبيل المِثال لا الحصر: الأنبا مكاريوس، والأنبا موسى الأسود، ومارمينا العجايبي.. ومن آباء البرية المُعاصرين البابا كيرلس السادس وتلميذه الأنبا مينا آفا مينا (المنتقلين). وبنهاية القرن الرابع، كان هناك مئات من الأديرة، وآلاف من القلالي والكهوف مُنتشرة على كل أرض مصر. وكثير من هذه الأديرة مازالت مزدهرة، ويأتيها العديد من طالبي الرهبنة وبها مئات الآباء الرهبان حتى هذا اليوم. إن كل الأديرة المسيحية، نبعت جذورها -بطريقة مباشرة أو غير مباشرة- من ذلك المِقال المِصري. وقد زار القديس باسيليوس -وهو مُنَظِّم الحركة الرهبانية في آسيا الصغري- مصر سنة 357 م. وقد إتبعت الكنائس الشرقية ذلك المِثال؛ والقديس جيروم -الذي تَرجَم الكتاب المقدس إلى اللغة اللاتينية- جاء إلى مصر سنة 400م. وترك تفاصيل خبراته بمصر في رسائله. وكذلك القديس بنيديكت أسَّس أديرة في القرن السادس على مثال ما فعله القديس باخوميوس، ولكن بطريقة أكثر حِزماً. وأيضاً زار آباء البرية عدد لا نهائي من الرحَّالة السوَّاح وقَلَّدوا طريقة حياتهم الروحية وإنضباطها.. وأكثر من ذلك، فهناك دلائل على الإرساليات القبطية في شمال أوروبا. وأحد الأمثلة هو القديس موريس قائد الكتيبة الطيبية الذي ترك مصر ليخدم في روما، وإنتهى الأمر به إلى التعليم والتبشير بالمسيحية لسكان جبال سويسرا، حيث توجد بلدة صغيرة تحمل إسمه وديراً له يحوي جسده المقدس، بالإضافة لبعض كتبه ومتعلقاته. وكذلك هناك قديساً آخراً من الكتبية الطيبية وهو القديس فيكتور، والمعروف بين الأقباط باسم "بقطر".

وقد لعب بطارِكة وباباوات الإسكندرية دوراً قياديّاً في اللاهوت المسيحي، تحت سلطة الإمبراطورية الرومانية الشرقية بالقسطنطينية (ضد الإمبراطورية الغربية بروما). وكان يتم دعوتهم إلى كل مكان ليتحدَّثوا عن الإيمان المسيحي. وقد رأس البابا كيرلس -بابا الإسكندرية- المجمع المسكوني بمدينة أفسس سنة 431 م. وقد قيل عن أساقِفة الإسكندرية أنهم كانوا يقضون كل وقتهم في إجتماعات ولقاءات! ولم يقف الدور الريادي عندما بدأت السياسة تتداخل في أمور الكنيسة. بدأ هذا الأمر عندما إبتدأ الإمبراطور ماركيانوس بالتدخُّل في شئون الإيمان بالكنيسة. وقد كان رد البابا ديوسقوروس -بابا الإسكندرية، والذي تم نفيه بعد ذلك- واضِحاً: "ليس لديك أي دخل بالكنيسة!" ووضحت أكثر هذه الدوافع السياسية في خلقيدونية عام 451، عندما إتُّهِمَت الكنيسة القبطية ظُلماً بإتباع تعاليم "أوطاخي" الذي آمن بـmonophysitism . وتقول هذه الهرطقة بأن السيد المسيح له طبيعة واحدة فقط (الإلهية)، وليس طبيعتان: الإلهية والبشرية.

ولم تؤمن الكنيسة المصرية أبداً بذلك، بالصورة التي وُصِفَت في مجمع خلقيدونية. وكانت ذلك يعني في المجمع، الإيمان بطبيعة واحدة. أما نحن الأقباط فنؤمن أن السيد المسيح كامِلاً في لاهوته، وكامِلاً في ناسوته، وهذان الطبيعتان مُتَّحِدَتان في طبيعة واحدة هي "طبيعة تَجَسُّد الكلمة"، والتي أوضحها البابا كيرلس السكندري. الأقباط إذن، يؤمنون بطبيعتان: "لاهوتية" و"ناسوتية"، وهما مُتَّحِدَتان بغير إختلاطٍ ولا إمتزاجٍ، ولا تغيير" (هذا الجزء الأخير من قانون الإيمان الذي يُتلى في نهاية صلاة القداس). وهاتان الطبيعتان "لم يَفْتَرِقا لحظة واحدة ولا طرفة عين".  من موقع كنيسة الأنبا تكلا

لقد إتُّهِمَت الكنيسة القبطية بالخطأ في مجمع خلقيدونية في القرن الخامس. ربما تم تصحيح سوء الفهم هذا، ولكنهم أرادوا إبعاد الكنيسة وأن يعزلوها، وأن يُبطلوا قانونية البطريرك المصري المُسْتَقِلَّة، الذي أصَرّ أن تكون الكنيسة منفصلة عن الدولة. وبالرغم من كل هذا، فقد ظلّت الكنيسة مخلصة وثابتة في إيمانها. وإذا كان ما حدث مجرّد مؤامرة من الكنائس الشرقية لعزل الكنيسة القبطية كعقاب لها لرفضها الخضوع السياسي، أو إذا كان ذلك بسبب أن البابا ديسقوروس لم يذهب لدرجة الميل الثاني ليوَضِّح أكثر أن الأقباط لم غير مؤمنين بالطبيعة الواحدة، فلقد شعرت الكنيسة القبطية دائماً بتفويض لكي تُصلِح الخلاف الهام بين كل الكنائس المسيحية. وهذا الأمر واضحاً جلياً في شخص قداسة البابا شنوده الثالث، خليفة مارمرقس البطريرك الـ117؛ حيث يقول: "الإيمان هو أهم شئ بالنسبة للكنيسة القبطية، ويجب على الآخرين أن يعوا أن المصطلحات وغيرها غير هامة بالنسبة إلينا." وخلال القرن الماضي، لَعِبَت الكنيسة القبطية دوراً هاماً في الحركة المسيحية العالمية. فالكنيسة القبطية هي من أول الذين أنشأوا "مجلس الكنائس العالمي". وقد ظلّت عضواً في هذا المجلس حتى عام 1948 م. والكنيسة القبطية كذلك هي عضواً في "مجلس كل كنائس أفريقيا" و"مجلس كنائس الشرق الأوسط". وتلعب الكنيسة القبطية دوراً هاماً في إدارة الحوار لحل الإختلافات الجوهرية بينها وبين كنائس الكاثوليك، والأرثوذكس الشرقيين، والمشيخيين، والبروتستانت.


ربما يكون الصليب هو الفخر الحقيقي للكنيسة القبطية. ففخر الكنيسة هو الإضطهاد الذي بدأ ربما من يوم الإثنين الموافق 8 مايو 68 م. (بعد عيد القيامة)، عندما إسْتُشْهِد قديسنا المُبَشِّر مار مرقس الرسول، بعد جَرّه من قدميه عن طريق الجنود الرومان وجابوا به كل شوارع الإسكندرية وزِقاقها. وقد تم إضطهاد الأقباط على يد كل حُكّام مصر تقريباً. لدرجة أن قساوسة الكنيسة القبطية كان يتم تعذيبهم ونفيهم حتى على يد أخوتهم المسيحيين، بعد إنشقاق مجمع خلقيدونية عام 451م.، وحتى فتح العرب لمصر عام 641م. ولتأكيد حبهم في الصليب، فقد إتّخذ الأقباط تقويماً، يطلق عليه تقويم الشهداء، الذي يبدأ عهده يوم السبت الموافق 29 أغسطس 284م، لإحياء ذِكرى لشهداء الإيمان في عهد الإمبراطور الروماني دقلديانوس. وما يزال هذا التقويم يستعمله المُزارعين في مصر لتتبع تغيرات الفصول الزراعية وكذلك في كتاب الفصول الذي يُستخدم في القداسات والمناسبات الكنسيّة.

وقد إزدهرت الكنيسة القبطية وظلَّت مصر مسيحية حوالي 4 قرون بعد الفتح العربي لمصر. وكان هذا بسبب الموضع الخاص الذي تمتَّع به الأقباط، لأن محمد -نبي الإسلام- الذي كان له زوجة مصرية هي مارية القبطية (أو ماريا القبطيه) أم ولده إبراهيم، طلبت تعامل هادئ مع الأقباط، حيث قالت: "عندما تفتح مصر، كن طيباً مع الأقباط، لأنهم تحت حِماك وهم جيرانك ونسبائك." وقد تم السماح للأقباط بممارسة شعائرهم الدينية بحرية، وكانوا مستقلين بدرجة كبيرة، شريطة أن يدفعوا الجزية، لحمايتهم كـ"أهل الذِّمة". وكان على الأشخاص الذين لا يستطيعون دفع الجزية،أحد الإختيارات التالية: إما إعتناق الإسلام، أو فَقْد الحماية من المسلمين، والتي كانت تعني أحياناً الموت! إزدهرت الكنيسة وتمتّعت بفترة سالِمة، بالرغم من القوانين التي تتطلَّب دفع مبالغ إضافية، التي فُرِضَت عليهم في الفترة من 750-868 م و905-935 م، تحت حكم العباسيين. وتُشير الكِتابات التي بقيت حتى الآن من الفترة ما بين القرنين الثامن والحادي عشر، بعدم وجود تأثُّر حاد في نشاطات العمال والصُّناع الأقباط، كالحائكين، والعاملين في مجال الجلود، والدهّانين، والذين يعملون في مجال الأخشاب. وظلَّت اللغة القبطية خلال تلك الفترة هي اللغة الرسمية للبلاد، ولم تظهر الكِتابات بكلتا اللغتين العربية والقبطية قبل منتصف القرن الحادي عشر. ومن أوائل الكِتابات التي كُتِبَ كلها بالعربية هو كتاب كتبه أولاد العَسّال (صانِعي العسل)، وفيه تفصيل للقوانين، والمبادئ الثقافية، والعادات والتقاليد لتلك الفترة الهامة، وكان ذلك بعد حوالي 500 عاماً من الفتح العربي لمصر. ولكن كان إستخدام وإتخاذ اللغة العربية كاللغة الرسمية في المُعاملات اليومية بطيئاً، لدرجة أن المقريزي قال في القرن الخامس عشر، بأن اللغة القبطية ما زالت تستخدم كثيراً. وما زالت اللغة القبطية هي اللغة التي تستخدمها الكنيسة القبطية في صلواتها.

وقد بدأ تغيُّر الوجه المسيحي لمصر مع بدايات الألفية الثانية، عندما بدأ الأقباط يعانون -بالإضافة لدفعهم الجزية- من بعض المُعَوِّقات، التي كان بعضها جاداً وتداخَل مع حريتهم في العبادة! فعلى سبيل المثال، كان هناك قيود على ترميم الكنائس القديمة أو بناء كنائس جديدة، وكانت هناك قيود على الشهادة في المحاكم، وفي المعاملات اليومية، وفي التبنّي، والإرث، وقيود على النشاطات الدينية العلنية، وعلى طريق اللبس! وبهدوء، ولكن بإنتظام، تغيَّر وجه مصر الغالِب من المسيحية وأصبحت مصر غالبيتها إسلامية على نهايات القرن الثاني عشر، وعاش الأقباط كمواطنين درجة ثانية، وكانوا يتوقعون العداء من المسلمين في أي وقت، والذي تنامى مع الوقت وأصبح عنفاً! ومن الجدير بالذكر أن خير أن خير وصالح الأقباط كان مُرتَبِطاً -بطريقة أو بأخرى- بخير وصالح حُكّامهم. وخاصة، فقد عانى الأقباط كثيراً عندما كان الحكم العربي في حالاته السيئة.

وقد بدأ حال الأقباط يتحسَّن في بدايات القرن التاسع عشر، مع حُكم محمد علي الذي إتّسَم بالإستقرار والتسامُح. فقد إنسحب النظر إلى المجتمع القبطي كقطاع منفصل، وتوقفت العلامة الرئيسية للنظر إلى الأقباط بدونية، وهي الجزية، وكان ذلك عام 1855م، وبدأ الأقباط بالخدمة العسكرية بعد ذلك بقليل.. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وكانت ثورة 1919 م. هي تعتبر عودة الشخصية المصرية بعد قرونٍ طوال، تقف هذه الثورة شاهِداً على وِحدة وتجانُس مصر الحديثة بعنصريها المسلم والقبطي. وهذه الوحدة هي التي تُبقي المجتمع المصري واحداً أمام تعصُّب الجماعات المُتَطَرِّفة، الذين يَضطَهِدون الأقباط ويرهبونهم.. ويقف الشهداء المُعاصِرين، أمثال الكاهن مرقس خليل على معجزة بقاء الأقباط وثباتهم..

وبرغم الإضطهاد، لم يتم التحَكُّم في الكنيسة القبطية، ولم تسمح الكنيسة القبطية لنفسها بالدخول في الحُكم بمصر. وهذا الفصل بين الدين والدولة مبني على قول الرب يسوع نفسه: "إعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله." (متى21:22). ولم تقم الكنيسة القبطية أبداً بمقاومة السُلطات أو الغُزاه، ولم تأخذ أي سُلطة، لأن كلام السيد المسيح واضح: "رُدّ سيفك إلى مكانه، لأن كل الذين يأخذون السيف، بالسيف يهلكون." (متى52:26). إن بقاء الكنيسة القبطية حتى هذا اليوم وهذا العصر لهو مِثال حيّ على صِحّة وحِكمة تعاليمها

إحصائيات عام 1992 تُشير إلى أن عدد الأقباط أكثر من 9 مليون من 57 مليون مواطن، وهم يُشاركون ويحضرون القداسات الإلهية يومياً في آلاف الكنائس القبطية بمختلف محافظات مصر. هذا بالإضافة لأكثر من 2ر1 مليون قبطي في أرض المهجر، موجودون بمئات الكنائس بالولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، وأستراليا، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، والنمسا، وهولندا، والبرازيل، والعديد من الدول الأخرى بآسيا وأفريقيا. وفي داخل مصر، يعيش الأقباط في كل المدن، ولا يُمَثِّلون الأغلبية في أي هذه المدن.. وتنتشِر ثقافة، وتاريخ، والكنوز الدينية بكل أنحاء مصر، حتى في أبعد واحة، وهي واحة الخارجة في أعماق الصحراء الغربية. وعلى الصعيد الشخصي، فقد وصل الأقباط لمستويات أكاديمية وعملية رفيعة، منهم د. بطرس بطرس غالي الأمين العام السادس للأمم المتحدة (1992-1997)، وكذلك د. مجدي يعقوب، أحد أشهر جراحي القلب في العالم.

وتؤمن الكنيسة القبطية بسبعة أسرار (اسرار الكنيسه السبعه)، سِر المعمودية، وسر الميرون (التثبيت)، وسر التناول، وسر التوبة والإعتراف، وسر الكهنوت، وسر الزيجة، وسر مسحة المرضى. فسِر العِماد يتم بعد أسابيع قليلة من الميلاد عن طريق تغطيس كل الجسم ثلاث مرات في ماء مُصلّى عليه. أما عن سر الميرون، فيتم برشم الجسم بزيت الميرون بعد العِماد مباشرة. وبالنسبة لسر الإعتراف فيتم بصورة دورية على أب الإعتراف، وهو سر هام لممارسة سر التناول. ومن المناسب أن تعترف كل العائلة على كاهن واحد، لتجعل منه مستشاراً عائلياً. وعلى عكس كل الأسرار المقدسة، فسر الزيجة هو الوحيد الذي لا يمكن عمله خلال فترة الصوم. غير مُتاح بتعدُّد الزوجات، حتى لو كان مُعْتَرَف به بقوانين البلد. وغير مسموح بالطلاق إلا في حالة الزِنى، يمكن عمل بُطلان زواج في حالة الزواج على ضُرّة، أو بعض الحالات القصوى الأخرى، التي يجب أن يتم مراجعتها عن طريق مجلس أساقفة خاص. ويمكن أن يتم طلب الطلاق عن طريق الزوج أو الزوجة. ولا يتم الإعتراف بالطلاق المدني. لا يوجد لدى الكنيسة القبطية أي مانع أو إعتراض على القوانين المدنية للبلاد، طالما لا تتعارَض مع أسرار الكنيسة المقدسة. ولا يوجد لدى الكنيسة -وفي الواقع فهي ترفض وضع قانون- أو موقف رسمي ضد بعض الموضوعات المثيرة للجدل (كالإجهاض مثلاً). بينما يوجد لدى الكنيسة تعاليم واضِحة بخصوص هذه الأمور (فمثلاً، الإجهاض يتعارض مع مشيئة الله)، فالكنيسة تُفَضِّل أن يتم التعامل مع مثل هذه الأمور حسب كل حالة على حدة عن طريق أب الإعتراف، لأنه لديه تفويض كامل من الله بالحكم على مثل هذه الأفعال بأنها آثِمة من عدمه.

هناك ثلاثة طقوس أو قداسات أساسية في الكنيسة القبطية: قداس القديس باسيليوس أسقف قيصرية؛ قداس القديس غريغوريوس النيصي أسقف القسطنطينية؛ وقداس البابا كيرلس الأول، البطريرك رقم 24. إن أساس أو روح القداس الكيرلسي مُستوحى من قداس مارمرقس (باللغة اليونانية) من القرن الأول. وقد تم حِفظة وممارسة الصلاة به عن طريق الكهنة والأساقِفة إلى أن تمّت ترجمته للقبطية عن طريق البابا كيرلس الأول. واليوم، ما تزال هذه الثلاثة قداسات تُستخدم في الصلاة، مع بعض المقاطع المُضافة (مثل الشفاعات). ومن الجدير بالذكر أن القداس الباسيلي هو الأكثر إستخداماً في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

إن عبادة القديسين لهو أمر مرفوض تماماً من الكنيسة القبطية، ومع ذلك، فطلب شفاعاتهم (كطلب شفاعة السيِّدة العذراء مريم) هو شئ ثابت في أي صلاة قبطية. وكل كنيسة قبطية تُسمى على اسم قديس شفيع. ومن ضمن كل القديسين، فالسيدة العذراء مريم والدة الإله تحتل مكانة خاصة في قلوب جميع الأقباط. وقد كان ظهورها المتوالي اليومي في كنيسة صغيرة بحي الزيتون بالقاهرة لأكثر من شهر في إبريل 1968، كان هذا الظهور مشهوداً من آلاف المصريين، أقباطاً ومسلمون، وأكثر من ذلك، فقد تمت إذاعة بعض لقطات هذا الظهور على التليفزيون المصري القومي. يحتفل الأقباط بسبعة أعياد سيدية كُبرى، وسبعة أعياد سيدية صُغرى. فالأعياد السيدية الكبرى هي عيد البشارة وعيد الميلاد وعيد الظهور الإلهي (الغطاس) وأحد الزعف (الشعانين) والقيامة والصعود، وعيد البنديقوستي (أي عيد العنصرة وهو عيد حلول الروح القدس يوم الخمسين، وكلمة Pentecoste هي كلمة يونانية تعني محفل أو حفل)، وكذلك عيد الميلاد الذي يُحتفل به في 7 يناير من كل عام. الكنيسة القبطية تؤكد أكثر على مجيء السيِّد المسيح بالميلاد، وكذا بالأكثر على قيامته المقدسة. وعادة ما يكون عيد القيامة في الأحد التالي بعد أن يصبح القمر بدراً في الربيع. أما عن الأعياد السيدية الصُغرى، فهي عيد الختان، ودخول السيد المسيح إلى الهيكل، ومجيئه إلى أرض مصر، وعيد عُرس قانا الجليل، والتجلي، وخميس العهد، وعيد تجديد توما. والنتيجة القبطية حافِلة بأعياد أخرى واحتفلات بذكرى إستشهاد أو إنتقال القديسين المشهورين (أمثال مار مرقس، مار مينا، مار جرجس، القديس تكلا هيمانوت، الشهيدة بربارة، الملاك ميخائيل... إلخ) في التاريخ الكنسي.

الأقباط لديهم مواسم للأصوام غير موجودة في أي طائفة مسيحية أخرى، فمن الـ365 يوماً في العام، يصوم الأقباط أكثر من 210 يوماً! وخلال الصوم، غير مسموح بتناول أي من منتجات الحيوانات (اللحوم، الدواجن، اللبن، البيض، الزبدة.. إلخ). وبالأكثر من ذلك، فغير مسموح بتناول أي طعام أو شراب من شروق الشمس وحتى غروبها! ولكن قواعد الصوم الإنقطاعي الصارمة هذه غالباً ما تُبَسَّط بصورة فردية حسب حالة كل شخص من حيث المرض أو الضعف أو السن أو غيره.. إن الصوم الكبير هو أهم الأصوام التي يهتم بها الأقباط. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وهو يبدأ بأسبوع صوم كمقدمة لهذا الصوم الهام، يتبعه 40 يوماً كذكرى لصوم السيِّد المسيح الأربعين يوماً على الجبل، يتبعها أسبوع الآلام (اسمه البصخة Pasqua)، والذي يعتبر الذروة في هذا الصوم.. وهو يمثل أحداث أسبوع الآلام كلها وحتى الصَّلب في الجمعة العظيمة ونهاية بعيد القيامة المُفْرِح. ومن الأصوام الأخرى صوم مجئ السيد المسيح للعالم بالميلاد، وصوم الرسل، وصوم السيِّدة العذراء مريم، وصوم نينوى.

يرأس الكنيسة القبطية بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وستجد معلومات عن قداسته هنا في موقع الأنبا تكلا، وتحته الآباء الآساقفة والذين يشرفون بدورهم على الآباء الكهنة بالأبرشيات. وكل من البطريرك وكل الأساقفة يجب أن يكونوا رهباناً، وكلهم أعضاء في المجمع المقدس، والذي يجتمع بصورة دورية ليباشر أمور الإيمان وشركة المؤمنين. وعلى الرغم من أن الأب البطريرك يكون على مستوى عالٍ ويُقدَّر كثيراً من جميع الأقباط، إلا أنه لا يتمتع برفعة فوق المستوى ولا يكون معصوماً من الخطأ. واليوم يوجد أكثر من 90 أسقفاً قبطياً يباشرون عمل الأبرشيات داخل مصر وخارجها (كالسودان، وأورشليم، وغرب أفريقيا، وفرنسا، وإنجلترا، والولايات المتحدة الأمريكية). إن المسئولية الرعوية الرئيسية للمجتمع القبطي في أي أبرشية يقع على عاتق الآباء الكهنة والقساوسة، ويجب عليهم الدراسة في الكلية الإكليريكية قبل رسامتهم.

وهناك طائفتان أخريتان غير كهنوتيتان يهتمون بشئون الكنيسة. الأولى تُنتَخَب عن طريق المجلس الملي القبطي، والذي ظهر على الساحة عام 1883م. ليصبح هو الطريق ما بين الكنيسة والحكومة. الثاني هو مجلس الأوقاف القبطي، وظهر على الساحة عام 1928 م. ليباشر ويُراقِب إدارة أوقاف الكنيسة القبطية من خلال القانون المصري.

ويصلي الأقباط يومياً، في كل الكنائس القبطية، من أجل وحدة كل الكنائس المسيحية. وهم يُصلّون لمصر، ونيلها، ومحصولها، ورئيسها، وجيشها، وجمهوريتها، وفوق الكل شعبها. وهم يصلون من أجل سلام العالم، ومن أجل خير وصالح الجنس البشري كله.

 للامانه

دير مار متى في العراق 

صور من دير مار متى في العراق 




نبذة عن تاريخ دير مار متي للسريان الأرثوذكس



يقع دير مار متى على مسافة 35 كم شمالي شرقي مدينة الموصل. وهو من الأماكن الأثارية التاريخية في ربوع العراق. ومن المزارات الدينية المقدّسة العائدة للسريان الأرثوذكس. ومن محاسن شمال العراق جمالاً ومناخاً وموقعاً. ومن أشهر أديرة المسيحية صيتاً ومكانة.

تأسيسه:

أسسه القديس مار متى الناسك السرياني في غضون القرن الرابع الميلادي. وتعين أول رئيس عليه. وإنضوى إليه بضعة آلاف من الرهبان والمتوحّدين من كورة نينوى وغيرها من بلاد العراق وفارس. لا نعلم التصميم الأول لهذا الدير. وبسبب الغزوات والكوارث التي ألمّت به إنعدمت فيه الآثار الفنية وإندرست النقوش والزخارف. والباقي إلى يومنا هذا من أجزائه الجميلة والأصيلة (1) المذبح وبيت القديسين (وهما جزء من الكنيسة) قلاية القديس مار متى (3) الصهاريج (4) بعض الكهوف والصوامع.

القديس مار متى مؤسس الدير:

ولد في ديار بكر- تركيا في الربع الأول من القرن الرابع. ترهّب في ميعة صباه. وتنسّك. ولما أثار يوليانس الجاحد قيصر رومية إضطهاده للكنيسة المسيحية عام 361م، غادر مار متى ديار بكر مسقط رأسه إلى المشرق يرافقه أكثر من عشرين راهباً أشهرهم مار زكاي، مار إبراهيم،مار دانيال. إنفرد مار متى أولاً في صومعة صخرية في جبل مقلوب لا تزال مائلة إلى اليوم. ثم ترأس الدير الذي شيده بعدئذ كما مر. وإشتهر بتقواه وقداسته، وممارسة أعمال التقشف. شرّفه الله بصنع الكرامات والأشفية. توفي في أواخر القرن الرابع أو أوائل القرن الخامس وهو شيخ طاعن في السن.

الدير في مختلف العهود وعبر التاريخ:

بعد مرور مائة عام تقريباً من تأسيس الدير،أصيب بحريق هائل عام 480م. وعلى إثر ذلك قضي عليه،وبادت معالمه- وترك قاعاً صفصفا. وفي نهاية القرن الخامس عاد إليه بعض الرهبان وإستأنفوا الحياة النسكية ورمموا الدير المحترق حتى برز إسمه من جديد في عام 544 فواصل مسيرته التاريخية بصورة منتظمة سيما في العهود العربية التي عقبت العهد الساساني. وفي عام 1171م هجر بسبب إعتداءات الدخلاء المجاورين. وظل مهجوراً حتى عام 1187 ثم أستؤنفت فيه النشاطات الكنسية في شتى المجالات. ولما جاء ياقوت الحموي الجغرافي العربي الشهير لزيارة الموصل في مطلع القرن الثالث عشر حيث كانت قد إشتهرت بمدارسها وعلمائها وعمرانها على عهد بدر الدين لؤلؤ. زار الدير وقال فيه (دير مار متى بشرقي الموصل على جبل شامخ يقال له جبل متى. من إستشرفه نظر إلى رستاق نينوى والمرج.وهو حسن البناء وأكثر بيوته منقورة في الصخر. وفيه نحو مائة راهب. لا يأكلون الطعام إلا جميعاً في بيت الشتاء أو بيت الصيف وهما منقوران في صخرة. كل بيت منهما يسع جميع الرهبان، وفي كل بيت عشرون مائدة منقورة من الصخر. وفي ظهر كل واحدة منهن قبالة برفوف وباب يغلق عليها. وفي كل قبالة آلة المائدة التي تقابلها من غضارة وطوفرية وسقرجة،لا تختلط آلة هذه بآلة هذه.ولرأس ديرهم مائدة لطيفة على دكان لطيف في صدر البيت يجلس عليها وحده. وجميعها حجر ملصق بالأرض وهذا عجيب أن يكون بيت واحد يسع مئة رجل،وهو وموائده حجر واحد. وإذا جلس رجل في صحن هذا الدير نظر إلى مدينة الموصل وبينهما سبعة فراسخ. ووجد على حائط دهليزه مكتوباً:

يا دير متى سقت أطلالك الديم وإنهل فيك على سكانك الرهم


فما شفى غلتي ماء على ظمأ كما شفى حرّ قلبي ماؤك الشبم


بيد أن معالم هذين البيتين إختفت. ولا يعرف مكانها بالضبط. وبعد عام 1260 عانى الدير كثيراً من غارات المغول والتتر. ومر بظروف قاسية جداً، وصبر على إعتداءات الأعداء والعصابات طويلاً. وفي العقد الأخير من المئة الرابعة عشرة ظهر تيمورلنك الطاغية. فتضعضعت أحوال الدير في عهده وإنتهى به الأمر إلى أن أمسى مأوى لبعض المجرمين الذين إستوطنوه مدة من الزمن. ونتيجة لذلك تشرّد الرهبان وظل الدير مهجوراً منسياً مدة تنيف على المائة وخمسين سنة. ثم أخذ يلمع ذكره مرة أخرى بشكل خافت ضئيل في نهاية القرن السادس عشر وأوائل السابع عشر،ثم يتوهج بعد عام 1660 أي في العهد العثماني الثاني. فتتسلسل أخباره من ثمّ حتى يومنا هذا ويسير سيراً طبيعياً خلال الفترة الواقعة ما بين عام 1833-1846 إذ تولاه الخراب على إثر غارة محمد باشا (ميراكور) وخلا من السكان إثنتي عشرة سنة. وفي عام 1970- 1973 تجدد الدير تجدداً متيناً بكامل أجزائه. وأنعمت عليه الحكومة العراقية بإيصال القوة الكهربائية وتبليط الطريق المؤدي إليه من مفرق عقرة والبالغ 10كم، كما بلّط طريق آخر يربط الدير بالطريق العام. وهو اليوم يعتبر منطقة،دينية،آثارية.

شهرة الدير:

عاش الدير عهوداً سياسية مختلفة- فارسية ساسانية،عربية،مغولية،تيمورلنك،عثمانية وأخيراً عربية. ولدى دراسة تاريخه بتمعن وتمحص نرى أن شهرته تنحصر في العهود العربية فقط وهي الفترة التاريخية الطويلة الواقعة ما بين أوائل القرن السابع الميلادي وسقوط الدولة العباسية عام 1258م. وتتلخص شهرة الدير في ثلاث نقاط رئيسية:

(1) روحياً

أ‌- نشر الإنجيل: عني القديس مار متى وبعض خلفائه بنشر الإنجيل بين الشعوب الوثنية واليهودية ما بين عام 380- 550م من جملة ذلك تنصير مار بهنام وأخته سارة ورفقائه ثم والديه سنحاريب وزوجته وعدد كثير من ولاية آثور.

ب‌- الرهبنة: يعتبر القديس مار متى من أبطال النسك والتقشف في المشرق. جمع إليه عدداً كبيراً من الرهبان ونظم حياتهم. قيل أن عدد الرهبان في عصور الدير الذهبية بلغ سبعة آلاف. وذكر ياقوت الحموي أنه كان في الدير عند زيارته إياه في القرن الثالث عشر مائة راهب. ثم تضعضعت أحوال الرهبنة فيه بعد القرن الرابع عشر،فأخذ عدد الرهبان بالهبوط. فلم يسكن فيه منذ القرن السابع عشر وإلى هذا اليوم أكثر من ستة أو سبعة منهم وقد ينقص عددهم إلى إثنين أو ثلاثة.

ج- مزار: أمست الأديرة المسيحية،بفضل قداسة الرهبان وتقواهم مواطن مقدسة (مزارات) يؤمها المؤمنون إلتماساً للشفاء. وتبرّكاً،وسماعاً لصوت كلمة الله. ودير مار متي أضحى مزاراً منذ القرن الرابع الميلادي وحتى يومنا هذا لإحتوائه رفات القديس مار متى وأرفتة رفقائه وبعض القديسين. ثم وجود ضريح العلامة الذائع الصيت المفريان غريغوريوس إبن العبري 1286+.

(2) كنسياً

أ‌- صيرورته كرسياً أسقفياً ثم مطرانياً في الربع الأخير من المئة الخامسة. وقد إحتل مطرانه مقاماً رفيعاً في كنيسة المشرق إذ أصبح فيها صاحب النفوذ الأول. وإستمر كذلك حتى القرن التاسع الميلادي.

ب‌- جعله مقراً لإقامة بعض مطارنة المشرق منذ القرن الثاني عشر وما بعده منهم العلامة إبن العبري 1286+ الذي أقام فيه سبع سنين.

ج- إتخاذه مكاناً لعقد بضعة مجامع كنسية هامة.

د- نشأ فيه ثلاثة بطاركة،وسبعة مفارنة،وعدد كبير من المطارنة

(3) علمياً

أ- المكتبة: وجدت في الدير مكتبة حوت مصاحف جليلة نفيسة في القرن الخامس الميلادي كانت تعد في طليعة خزائن الكتب السريانية. ثم إندثرت ثم أخذت تبرز إلى عالم الوجود ثانية في القرن السابع الميلادي، وذاع أمرها وإنتشر خبر مخطوطاتها في حدود سنة 800م.

عاشت في المناخ العربي بقوة وعنفوان وظلت في نمو وإزدهار حتى عام 1171 حيث هجم الأكراد على الدير،مما إضطر الرهبان أن يحملوا الكتب ويغادروه إلى الموصل. وبعد عام 1241 نقلت كتب العلامة مارفي المئة السادسة عشرة ثم أخنى عليها الزمان حتى إذا كانت سنة 1846 فما بعدها جمع فيها زهاء ستين مصحفاً. وهنالك عدد وفير من مخطوطات هذه المكتبة في خزائن المتحف البريطاني كمبردج، برلين،الفاتيكان،الموصل،دير الشرفة في لبنان،من ذلك على سبيل المثال: المصحف السرياني الثمين للإنجيل المقدس الذي أنجزه الراهب مبارك البرطلي سنة 1220م بالقلم الإسطرنجيلي البديع وزينه بأربع وخمسين صورة جميلة ملونة في غاية التأنق والإتقان وأوقفه على مذبح دير مارفي قره قوش ثم صار في حوزة مطرانية السريان الكاثوليك فيفي خزانة الفاتيكان. ومن مخطوطات مكتبة الدير المحفوظة في خزانته اليوم، العهد الجديد بعمودين الأول سرياني بالقلم الغربي والثاني نقله إلى العربي بالحرف العربي نسخ عام 1177. وإنجيل كنسي سرياني بالقلم الغربي وبحسب النقل الفيلوكسيني والحرقلي نسخ عام 1222م. بعض أسفار العهد الجديد بالقلم الإسطرنجيلي على الرق في أوائل القرن الثالث عشر. وهنالك أكثر من عشرين مخطوطة أخرى نسخت ما بين القرن الثالث عشر والسابع عشر. سويريوس يعقوب البرطلي برمتها بعد وفاته إلى خزانة والي الموصل بدر الدين لؤلؤ. وفي عام 1369 سطا الأعداء على الدير ونهبوه ومكتبته الثمينة ثم ظهرت فيه آثارها متى بجبل الفاف. ثم إنتقل إلى كنيسة السريان الموصل وأخيراً نقل إلى روما عام 1938
ت‌- المدرسة: إزدهرت خاصة في المئتين السابعة والثامنة. ومن أشهر تلامذتها مار ماروثا التكريتي، وراميشوع وجبرائيل ولدا اللغوي الكبير الربان سبروي جد الملفان الربان داود بن فولوس آل بيت ربان.

وقد أسهم أساتذة هذه المدرسة وتلامذتها بالحركة العلمية في العصر العباسي، وتابعت سيرها حتى إنقضاء القرن الثالث عشر ومن جملة أساتذتها في الفترة الأخيرة، مطران الدير مار سويريوس يعقوب البرطلي 1241+ والمفريان العلامة إبن العبري 1286+.

دير مار متى اليوم :

1- موقعه: يقع دير مار متى على مسافة 35كم شمال شرقي الموصل في صدر جبل الفاف بإرتفاع 2100 قدم عن سطح البحر. يتوصل إليه يتسلق الجبل مشياً على الأقدام أو ركوباً على ظهور الخيل في طريق بين مرتفعين مرصوف بالحجارة في إثنتين وثلاثين إستدارة يتلوى يمنة ويسرى يقدر بكيلومتر تقريباً، أطلق عليه إسم (الطبكي) وهي كلمة سريانية من طبويو أو طبيوثو ومعناها المرتقى. يشرف على السهول والأودية وترى منه الموصل وقراها. يتألف من ثلاثة طوابق تشكل مائة غرفة تقريباً.

2- كنائس الدير: في الدير حالياً كنيستان. تعرف إحداهما بإسم القديس مار متى. والأخرى بإسم السيدة العذراء.

أولاً: كنيسة القديس مار متى: شيدت على الطراز المألوف في إنشاء كنائس المشرق وتشتمل على ،المذبح،ومدفن الآباء القديسين،والهيكل،ومدفن الرهبان:

أ‌- المذبح: قديم جداً ينطق بقدمه بناؤه وقبته الشاهقة البالغة إرتفاعها عشرة أمتار. وفيه ترونسان أحدهما كبير يقع في صدره، والثاني صغير يقع في أقصى الجهة الجنوبية. ووراءه في الجهة الشرقية ترونس ثالث وجب بجانبه. وإلى شمال الترونس الثالث، ترونس رابع في مذبح سري كانت تقدم عليه الذبيحة الإلهية في الظروف القاهرة.

ب‌- مدفن الآباء القديسين: هو المعروف ببيت القديسين، وهو القسم الشمالي من المذبح. تعلوه قبة يبلغ إرتفاعها سبعة أمتار. تشبه ريازتها ريازة قبة المذبح المشار إليه. ويشمل على عدة أضرحة منها ضريح القديس مار متى مؤسس الدير وضريح العلامة إبن العبري المتوفي عام 1286

ث‌- الهيكل: جديد أنشىء عام 1858م وهنالك كتابة سريانية في واجهة المذبح تنطق بتاريخ بنائه. بيد أن جداره الشمالي وضع على أساس قديم. يتألف من ثلاثة أنابيب إسطوانية، الجنوبي والأوسط متساويان- أما الشمالي فصغير.

مدفن الرهبان: مغارة صخرية كبرى تحت هيكل القديس مار متى كانت قد إختفت مدة طويلة حتى إكتشفت عند وفاة أحد الرهبان عام 1910م.

ثانياً: كنيسة السيدة: كنيسة قديمة جددت عام 1762 وهي بسيطة في شكلها. تحوي مذبحاً صغيراً يشتمل على ترونس صغير، تعلوه قبة صغيرة وبسيطة. وهيكل مستطيل صغير.

ويلحق بالكنائس:

أ‌- مدفن الآباء الخارجي: سمي بالخارجي لوجوده خارج سور الدير وقديماً كان ضمن الدير. وهو مغارة صخرية كبيرة أنشئت على جانبيها الشرقي والغربي عشرة أضرحة، يتقدمه إيوان صغير.

ب‌- الصوامع: منها صومعة القديس مار متى تقع جنوبي شرقي الدير. كانت منسكاً للقديس مار متى قبل إنشاء ديره ولا تزال بحالة جيدة. نقرت فيها مائدة للتقديس. وأنشئت إلى جانبها صومعة صغيرة حيث كان يتعبد القديس، وصهريج. وصومعة إبن العبري واقعة شمال شرقي الدير نقرت عام 1195 كما تنطق الكتابة السريانية بالقلم الإسطرنجيلي المزبورة فيها. ثم عرفت بإسم إبن العبري لتردده الكثير إليها إنصرافاً إلى الكتابة والمطالعة. وقد نقرت مائدة للتقديس في شماليها وأريكة في غربيها وشيد إلى جانبها صهريج صغير.

ومن الأمور التي تسترعي الملاحظة وتستحق الذكر:

أ‌- رواق الملاك: هو رواق صخري نقر في عصور موغلة في القدم في قعر واد سحيق فيفي جدرانها لوضع السراج فيها. الجهة الشمالية من جبل المقلوب. وقد سوده رعاة الغنم بدخان نيرانهم أبان الشتاء. وفي صدره رسم بارز لملاك متجه نحو الشرق، وبيده إكليل قد رفعه ليضعه على هامة مجاهد. وإلى جانب الملاك البارز رسم صليب. ويقابل هذا الرواق، فوق صخرة شاهقة،صومعة صخرية فيها أربع أرائك صخرية كذلك وثقوب صغيرة

ب‌- الصهاريج: في الدير عدة صهاريج نحتت في بدء تأسيسه لخزن مياه الأمطار المنحدرة من الجبل. ولا يزال أربعة صهاريج ماثلة يبلغ سعة أكبرها 2420متراً مكعباً.

ج- كهف الناقوط: أكبر الكهوف، وأكثرها سحراً وجمالاً،غرب الدير على مسافة 200م. وهو قسمان القسم الخارجي ومساحته 10 × 15م رصف بالحجر المعروف بالبازي تتوسطه بركة ماء. والقسم الداخلي مساحته 6 × 4م يتقطّر ماء طوال السنة، تتجمّع المياه في حوض صغير وتنساب إلى القسم الخارجي حيث تصب في البركة. يقضي الزائرون فيه وقتاً ممتعاً في فصل الصيف










 



 



تفاصيل مذكرات البابا شنودة مع رؤساء مصر الثلاثة .. أبدي إعجابه بعبدالناصر واصطدم بالسادات وتربطه علاقة ودية بمبارك
لا يرتاح الكثيرون إلي كلمة «مذكرات» يعتبرونها كلمة سيئة السمعة، ويتعاملون معها بكثير من الحذر والشك والريبة لأنها تعني لهم ببساطة النبش في الماضي وفتح الملفات التي يريد البعض دفنها الي الأبد.. من هذا المنطلق تعامل البعض مع الأنباء الواردة من الكنيسة عن اعتزام البابا شنودة كتابة مذكراته السياسية مع رؤساء مصر الثلاثة (عبدالناصر ــ السادات ــ مبارك) ولم تتوقف الأسئلة طوال الاسبوع الماضي عن حقيقة ما إذا كان البابا سيكتب مذكراته بالفعل أم أن تلك الأنباء التي تم تسريبها مجرد «بالونة اختبار» ووسيلة من وسائل الضغط التي يستخدمها البابا شنودة في السنوات الأخيرة للي ذراع الدولة والضغط علي الجهات التنفيذية لحصد بعض المكاسب السياسية.
غير أن البعض تعامل مع تلك الأنباء بشيء من الجدية وأكدوا أن الفترة التي قضاها البابا علي رأس الكنيسة القبطية تستحق أن يعرف الناس تفاصيلها وأن يعلموا بطبيعة العلاقة التي كانت تربط بين رأس الدولة ورأس الكنيسة طوال مايزيد علي الــ 39 عاما في الوقت الذي أكدوا فيه علي أن مذكرات البابا ــ ان كتبت ــ ربما تتسبب في إثارة أزمات سياسية خصوصا ما يتعلق منها بفترة الرئيس محمد أنور السادات الذي يكن له البابا عداء شخصيا نتيجة الخلافات التي اندلعت بينهما وانتهت بقيام السادات بعزله من منصبه وتحديد اقامته في وادي النطرون.
من جانبنا حاولنا أن نرصد العلاقة بين البابا شنودة ورؤساء مصر الثلاثة من خلال عدد من الحوارات الشخصية لبطريرك الكنيسة ومن خلال بعض الكتابات المحايدة التي تناولت طبيعة العلاقة بينه وبين القيادة السياسية في مصر طوال فترة جلوسه علي الكرسي البابوي.
ولنبدأ بالعلاقة بين البابا شنودة والرئيس جمال عبدالناصر ويمكن القول بأنه لم تكن هناك علاقة مباشرة بين الرجلين غير أن شنودة كان شاهدا علي العلاقة الطيبة والودودة التي كانت تجمع بين البابا كيرلس الذي كان يجلس علي كرسي البطريركية في ذلك الوقت وبين الزعيم الراحل وكان شنودة في ذلك الوقت يعمل مديرا للكلية الاكليركية وذاع صيته في تلك الفترة بين شباب الأقباط وعرف عنه أسلوبه الجذاب الذي أدي الي التفاف الأقباط من حوله واحتشادهم للاستماع الي محاضرته الاسبوعية التي كان يلقيها مرة واحدة اسبوعيا كل يوم جمعة .
ورغم أنه لم تكن هناك علاقة وثيقة بين عبدالناصر وشنودة الا أن الأخير يؤكد في أحد حواراته الموقف الرجولي الذي وقفه الرئيس جمال عبد الناصر تجاه بناء الكاتدرائية ويقول: " لا ننسي أن الرئيس جمال عبد الناصر أعطي تصريحا لبناء الكاتدرائية الكبري وحضر حفل وضع الأساس فيها ثم حضر حفل افتتاحها وألقي كلمة طيبة جداً وتبرع بمبلغ 100 ألف جنيه في 1967 م كان المبلغ أيامها كبيراً وكلف الرئيس عبد الناصر إحدي شركات القطاع العام بأن تقوم بعمليات بناء الكنيسة الكبري وأسرعت الشركة في بنائها بحيث انتهي الهيكل الخراساني في سنة واحدة علي هذا الحجم الضخم , والديون التي بقيت صدر قرار بالتنازل عنها في عهد عبد الناصر وفي كتابه الشهير " خريف الغضب "يتحدث الأستاذ هيكل عن تلك الفترة فيقول:" وكان هناك مشكلة أخري واجهت البطريرك كيرلس السادس فقد كان تواقاً إلي بناء كاتدرائية جديدة تليق بمكانة الكنيسة القبطية كان بناء كاتدرائية جديدة مشروعاً محببا إلي قلب البطريرك لكنه لم يكن يريد أن يلجأ إلي موارد من خارج مصر يبني بها الكاتدرائية الجديدة وفي نفس الوقت فإن موارد التبرعات المحتملة من داخل مصر كانت قليلة لأن القرارات الإشتراكيه اثرت علي اغنياء الأقباط كما أثرت علي أغنياء المسلمين ممن كانوا في العادة قادرين علي إعانة الكنيسة بتبرعاتهم إلي جانب أن المهاجرين الأقباط الجدد لم يكونوا بعد في موقف يسمح لهم بمد يد المساعدة السخية ثم أن أوقاف الأديرة القبطية أثرت فيها قوانين إلغاء الأوقاف وهكذا وجد البطريرك نفسه في مأزق , ولم ير مناسباً أن يفاتح جمال عبد الناصر مباشرة في مسألة بناء الكاتدرائية فلقد تصور في الموضوع أسبابا للحرج , وهكذا فقد تلقيت شخصياً دعوة من البطريرك لزيارته وذهبت فعلاً للقائه بصحبة الأنبا صموئيل الذي كان أسقفاً بدار البطريركية وفي هذا اللقاء حدثني البطريرك عن المشكلة وأظهر تحرجه من مفاتحة جمال عبد الناصر مباشرة في الأمر حتي لا يكون سبباً في إثارة أي حساسيات ثم سألني ما إذا كنت أستطيع مفاتحة الرئيس في الموضوع دون حرج للبطريرك ولا حرج علي الرئيس نفسه..
وعندما تحدثت مع الرئيس عبد الناصر في هذا الموضوع , كان تفهمة كاملاً كان يري أهمية وحقوق اقباط مصر في التركيب الإنساني والإجتماعي لشعبها الواحد ثم أنه كان يدرك المركز الممتاز للكنيسة القبطية ودورها الأساسي في التاريخ المصري , ثم أنه كان واعياً بمحاولات الاستقطاب التي نشط لها مجلس الكنائس العالمي.. وهكذا فإنه قرر علي الفور أن تساهم الدولة بنصف مليون جنية في بناء الكاتدرائية الجديدة نصفها يدفع نقداً ونصفها الآخر يقدم عيناً بواسطة شركات المقاولات التابعة للقطاع العام والتي يمكن أن يعهد إليها بعملية البناء.
وطلب إلي الرئيس إبلاغ البطريرك بقراره وكان الرجل شديد السعادة عندما قمت بإبلاغه "انتهت شهادة "هيكل" عن العلاقة التي كانت تربط عبدالناصر ببطريرك الأقباط وهي العلاقة التي تعجبت منها السيدة مني عبدالناصر ويوماً سألت مني المستشار زكي شنودة عندما كانت تعمل في دار المعارف قائلة: " البابا بتاعكم فيه أيه؟ " .. فرد المستشار مستفهما وقال: " يعني إيه فيه إيه؟ " فقالت مني: " بابا لما يجيله أي رئيس دولة يودعه حتي باب الصالون فقط ولكنه لما يجي البابا بتاعكم يودعه حتي باب السيارة ويفضل واقف إلي أن تتحرك السيارة " ورد المستشار شارحاً : " لأنه راجل بسيط وليس له مطالب ولا مطامع ولا يخاف منه في شيء ولا عاوز حاجة فأبوك كان شاعراً بهذا ولذلك أحبه "
هذه العلاقة الطيبة التي كانت تجمع بين عبدالناصر والبابا كيرلس بطريرك الأقباط انعكست علي الأنبا شنودة الذي دائما ما يشيد بعبدالناصر إذا ما جاءت سيرته في أي موضوع.
وعلي عكس العلاقة التي كانت تربط بين عبدالناصر والبابا كيرلس كانت العلاقة بين الرئيس الراحل أنور السادات والبابا شنودة الذي تعامل مع السادات بمنطق الند فاذا كان السادات رأس الدولة المصرية فمنصب البابا طبقا لتفسير ــ شنودة ــ لا يقل بحال من الأحوال عن منصب الرئيس فاذا كان الرئيس زعيم سياسيا فإن البابا زعيما روحيا.
ويمكن القول إن فترة الرئيس السادات في الحكم من أكثر الفترات التي لن ينساها البابا شنودة نظرا للخلافات المستمرة التي كانت تنشأ بينهما واستمرار كل طرف في عناده الشخصي بعيدا عن المصالح العليا للبلد.
وقد اعتلي البابا شنودة كرسي البطريكية عقب وفاة البابا كيرلس ومع اعتلاء شنودة للكرسي البابوي بدأت مرحلة جديدة من العلاقة التي تربط الدولة بالكنيسة علاقة أساسها الصدام والبعد عن الحوار لحل كل القضايا الشائكة .
ومن جانبه قرر السادات أن يقبل المواجهة والتحدي مع البابا الذي وصل بالأمور إلي الحد الاقصي للتصعيد بإلغاء الاحتفالات واعلان أعضاء المجمع المقدس عن استعدادهم لان يدخلوا عصر استشهاد جديد من أجل الدين والثبات فيه وذلك تعليقا علي " قانون الردة " وانتهز السادات فرصة احتفالات 15 مايو ، وألقي خطابا في مجلس الشعب ذكر فيه أن لديه معلومات عن المطامع السياسية للبابا الذي يريد أن يكون زعيما للأقباط في مصر ولا يكتفي برئاسته الدينية لهم ، وأن البابا وفقا للتقارير التي يديه ــ السادات ــ يعمل من أجل إنشاء دولة للأقباط في صعيد مصر تكون عاصمتها أسيوط.
وعاد السادات الي أحداث 1972واتهم قيادات الكنيسة بانها المسئولة عن أحداث الفتنة الطائفية منذ 1972 وحتي ذلك الوقت ومال السادات في تفسيره لموقف الكنيسة الي المنهج التآمري فقد كان في اعتقاده ــ وفقا لما جاء في خطابه ــ أن هناك مخططا قديما منذ تولي البابا شنودة كرسي البطريركية يهدف الي قيامه بدور زعيم سياسي للأقباط وأن تنفيذ هذا المخطط بدا بشكل واضح مع أحداث الخانكة 1972 .
الصراع بين شنودة والسادات وصل الي ذروته حينما وقف الأخير أمام البرلمان ليعلن قرارته السبتمبرية الغاضبة في 8 بنود، ونص البند الثامن علي : (إلغاء قرار رئيس الجمهورية 2782 لسنة 81 بتعيين البابا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وتشكيل لجنة للقيام بالمهام البابوبية من خمسة من الأساقفة هم: الأنبا ماكسيموس أسقف القليوبيبة وهو عالم قبطي سبق أن ترشح للكرسي البابوي، الأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة وكنائس المهجر، وكان مرشحا سابقا للكرسي البابوي، وفاز بأغلب الأصوات.الأنبا أغريغريوس أسقف البحث العلمي والدراسات القبطية العليا، ومدير المعهد العالي للدراسات القبطية، الأنبا إسناسيوس أسقف بني سويف، وكان يشغل منصب وكيل الهيئة العليا للأوقاف القبطية وسكرتيرا سابقا للمجمع المقدس، الأنبا يؤانس أسقف الغربية والسكرتير الحالي للمجمع المقدس وذلك لكي لا تبقي الكنيسة بدون من يمثلها لدي الدولة..
وقال السادات بعد أن تلي البنود الثمانية علي مسامع نواب البرلمان: «القرار خلص ولكن أحب أن أوضحه» لقد أجريت هذا بعد أن استشرت المخلصين للبلاد والكنيسة، وعلي هؤلاء الأساقفة سرعة معالجة الشعور القبطي في الداخل والخارج، وكسر روح التعصب والحقد، وبث روح المحبة والسلام، وعلي هذه اللجنة أن تتقدم للدولة بكل الاقتراحات المناسبة لإعادة الكنيسة إلي وضعها التقليدي الأصيل، كنسيج حي في جسم الدولة، وترشيد روح المحبة والحكمة والوداعة والصبر تجاه جميع الطوائف، والتي كانت فيه رائدة لكل كنائس العالم.
وبهذا القرار توج الرئيس السادات الصراع بينه وبين البابا شنودة، ولكن الشيء الأغرب في الخطاب، أن البند الثامن فقط والخاص بعزل البابا شنودة، هو الوحيد الذي حصل علي تصفيق حاد من نواب البرلمان وقتها، وصار لغطا شديدا في ذلك الوقت أن النواب الأقباط في البرلمان وعددهم وقتها 21، كان لهم دور فيما حدث، سعيا لإرضاء السادات علي حساب البابا، وأن صراعا شديدا دار داخل الكنيسة في محاولة لتفهم رد فعل النواب، الذين اجتمعوا قبل هذا القرار بشهور مع الرئيس السادات، كما هو مثبت تاريخيا في 24 ديسمبر سنة 1980 بمناسبة الاحتفال بعيد ميلاده، وحضر الاجتماع عثمان أحمد عثمان، وكان الاجتماع داخل غرفة معلق بها صورة لمطران المنوفية «الأنبا شنودة»، ونظر السادات للصورة وقال: (الولد ده كنت باحبه ولكن دلوقتي لأ)، وهاجم البابا شنودة، فقالت له إحدي الحاضرات: يا ريس، إذا كنت عملت مبادرة مع إسرائيل، ماتقدرش تعمل مبادرة مع الكنيسة؟ فرد قائلا: «أنا باحب الأقباط والأقباط بيحبوني، إنما أنا ضد راجل واحد فيهم».
قبل أن يتخذ السادات قراره بعزل البابا شنوده وتجريده من منصبه فكر طويلا وبدأ التخطيط للاطاحة برأس الكنيسة قبل القرار بفترة طويلة وتوج خطته في الاجتماع الذي عقده مع النواب الأقباط قبل خطابه الشهير بنحو الشهر في هذا الاجتماع عبر السادات عن غضبه من الممارسات التي يقوم بها شنودة وتحديه لارادة الدولة ومحاولته الالتفاف علي القانون ولي ذراع الدولة .
وإذا كان القرار الذي اتخذه السادات بنفي البابا شنودة إلي دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون كان تتويجا للخلاف الكبير بينهما فان العام 1972 هو البداية الحقيقية لهذا الصراع طبقا لرواية سابقة للأنبا غريغوريوس، أسقف البحث العلمي بالكنيسة الأرثوذكسية وواحد من الذين اختارهم السادات لإدارة الكنيسة، عقب عزل البابا، الذي أشار إلي أن أحد المديرين التابعين لوزارة الأوقاف في مدينة الإسكندرية أرسل تقريرًا إلي وزير الداخلية، وكتب عليه: عاجل وسري جدا، قال فيه: إن البابا عقد اجتماعا علي نطاق ضيق، مع عدد من الشخصيات القبطية العامة، وتحدث في أمور سياسية، وعن أوضاع الأقباط، وأنهي مدير الأوقاف تقريره بعبارة:«اصحوا يا مسلمين.. انتبهوا يا مسلمين».
وانتشر هذا التقرير بسرعة في بعض المساجد، ونتج عنه أحداث طائفية، وكونت الحكومة لجنة تقصي حقائق من أعضاء مجلس الشعب، برئاسة الدكتور جمال العطيفي للتحقيق في الأمر.
واعتقد الجميع أن الأمور قد انصلحت، إلا أن بعض المسئولين أكدوا للبابا أن الرئيس السادات مقتنع تمامًا بكل ما جاء في التقرير، وأنه استقر في قلبه وعقله أن البابا يحاول تكوين زعامة سياسية له بين الأقباط،لدرجة انه قال وقتها: «أنا عايز أعرف هو أنا اللي باحكم البلد، ولا شنودة».
الشرخ الحقيقي في حائط العلاقة بين البابا شنودة والرئيس السادات حدث بعد ذلك بعدة أعوام وتحديدا في تلك الفترة التي بدأت فيها مفاوضات الصلح مع إسرائيل، واجتمعت عدة أسباب أدت إلي أن يصل الخلاف بين السادات وشنودة الي ذروته ومن هذه الأسباب، موقف البابا من كامب ديفيد ورفض السفر بصحبة الرئيس، وخروج أقباط المهجر في مظاهرات غاضبة ضد السادات أثناء زيارته لأمريكا، زيارة البابا للولايات المتحدة سنة 1977 ولقاؤه الخاص مع الرئيس كارتر بالاضافة الي رفض البابا استقبال القيادات السياسية للتهنئة بأعياد القيامة، ورفض إذاعة الاحتفال بالأعياد في أجهزة الإعلام كما جرت العادة وقتها.
ولعل ما ذكره محمد حسنين هيكل في كتابه «خريف الغضب» من أن (المسرح كان مهيأ لدور يقوم به رجل يستطيع أن يتحمل مسئولياته، وكان شنودة يملك الكثير من المقومات اللازمة فهو كان شاباً ومتعلما وكاتبا وخطيبا متمكنا وكانت شخصيته قوية إلي جانب كثير من صفات الزعامة وقوة احتمال ومثابرة لا شك فيها) يعد أحد أسباب الصراع المحتدم بين البابا والرئيس السادات .
البابا شنودة لم يكتف بمهاجمة السادات وبالاعتراض علي سياسته في التعامل مع الأقباط وانما تحدي السادات في الكثير من الأوقات كانت السبب الأقوي في ذلك الصراع لأن الرئيس السادات وقتها كان خارجا من معركة أكتوبر منتصرا وأكثر ثقة في نفسه، وأكثر رغبة في الانفراد بالقرار ولم يكن يتخيل أن يتحداه أحد أو يرفض له طلبا، وهو الشيء الذي فعله البابا شنودة حينما سجل رفضه لاتفاقية كامب ديفيد ورفض الذهاب إلي إسرائيل عام 1977 واستغل هذا الموقف السياسي في كسب تعاطف الناس ومحاولة الضغط علي السادات لتمرير بعض المطالب القبطية.
ثم عاد البابا شنودة وكرر تحديه للسادات أكثرحينما تجاهل استغاثة السادات بإيقاف مظاهرات أقباط المهجر أثناء زيارته لأمريكا، حيث استقبلوه هناك بمظاهرة رفعوا فيها لافتات تصف ما يحدث للأقباط في مصر بأنه اضطهاد وهو الشيء الذي لم يعجب الرئيس فطلب الاتصال بالبابا من أجل إيقاف المظاهرات، وحدث هذا فعلا ولكن بشكل متأخر بعض الشيء، مما دفع السادات للظن بأن البابا شنودة يتحداه، فأصدرت أجهزة الأمن قرارا للبابا بأن يتوقف عن إلقاء درسه الأسبوعي، ورفض البابا ثم قرر تصعيد الأمر بأن أصدر قرارا بعدم الاحتفال بالعيد في الكنيسة وعدم استقبال المسئولين الرسميين الذين يوفدون من قبل الدولة عادة للتهنئة، بل وصل الأمر إلي ذروته عندما كتب في رسالته التي طافت بكل الكنائس قبيل الاحتفال بالعيد أن هذه القرارات جاءت احتجاجا علي اضطهاد الأقباط في مصر، وكانت هذه المرة الوحيدة التي يقر فيه البابا علانية بوجود اضطهاد للأقباط في مصر ولم يفعلها بعد ذلك مطلقا.
وطبقا لما قاله المهندس «أرميا لاوندي» أحد مؤسسي الهيئة القبطية بأمريكا في حوار له علي موقع «الأقباط المتحدون»، فإن غضب السادات من أقباط المهجر كان سببا رئيسيا في عدوانه علي البابا، حيث ذكر لاوندي ما حدث في اجتماع الرئيس السادات بالبابا سنة 1976 في القناطر الخيرية قائلا: (كان السادات ثائراً وأعطي لسيدنا البابا مجلة من مجلات الهيئة القبطية وقال لقداسته: شوف أولادك بيعملوا إيه في أمريكا، وكان رد سيدنا البابا المعروف بذكائه وحنكته: إن ذلك كله من قصاصات أوراق جرايدنا ونحن هنا في مصر قد أعطيناهم المادة لكي يكتبوها وينشروها).
ومع بداية عصر الرئيس مبارك وتوليه حكم مصر عقب اغتيال السادات قرر أن يفتح صفحة جديدة مع الجميع وعلي رأسهم البابا شنودة رأس الكنيسة وكانت بداية العلاقة بين الرئيس مبارك والبابا ودية للغاية مثلما كان علاقة الرئيس مع أغلب تيارات المعارضة في بدايات حكمه والكل يتذكر تلك الصور الشهيرة التي تجمع الرئيس بكل المعارضين الذين اعتقلهم السادات في سبتمبر 1981 وحينها كان البابا شنودة يستحوذ علي المشهد وبدا ان العلاقة التي اتخذت الشكل الصدامي بين النظام والكنيسة في عهد السادات ستتخذ شكلا مغايرا في عهد مبارك يميل الي الحوار المتبادل بين الطرفين مع احتفاظ كل طرف بما له من حقوق وما عليه من واجبات.
ورغم أن السنوات الأخيرة من حكم الرئيس مبارك شهدت مزيدا من الاحتقانات الطائفية نظرا للفراغ السياسي وتغييب الأقباط عن المواقع السياسية المهمة وعدم اتخاذ عقوبات رادعة في الفتن الطائفية فان البابا حرص دوما طوال سنوات الثمانينيات والتسعينيات التي شهدت ذروة التطرف الاسلامي علي ألا يمارس أي سلوك يزيد الأعباء علي مبارك ويمكن القول بأن الاقباط في تلك الفترة التزموا الصمت .
لكن مع تصاعد أحداث الكشح الأولي والثانية بدأت المؤسسة الكنسية تتجه للعلن للمطالبة الصريحة والاحتجاج وزادت التحركات القبطية في الداخل والخارج من أجل تنفيذ فكرة الحريات الدينية حتي لو عبر التدخل الأجنبي وهو ما تجلي بوضوح في أزمة وفاء قسطنطين التي أعادت الي الأذهان مناخ السبعينيات مرة أخري .
ويمكن القول بأن أزمتي الكشح ووفاء قسطنطين تحديدا هما نقطة التحول الرئيسية في المنهج الذي يتبعه البابا شنودة في التعامل مع نظام الرئيس مبارك حيث تغيرت بعدهما نبرة الصوت وبدأ الحديث يتردد مجددا عن نية البابا في الذهاب الي الدير تعبيرا عن الغضب والحزن مما يحدث وعلت الأصوات القبطية المنتقدة لما يتعرضون له من اضطهاد ثم دخل علي الخط أقباط المهجر بما يتمتعون به من حرية انتقاد أعلي يكفلها لهم تواجد أغلبهم في الولايات المتحدة وامتلاكهم هامش مناورة بما يتيح لهم الحديث بعنف دون ان يعني ذلك انهم يعبرون عن رأي البابا حتي لو كان هناك تنسيق خفي بينهم وبين الكنيسة القبطية في مصر.!!
كل هذا قدم أوراقا داعمة للبابا في أن يعلي من سقف مطالبه ومطالب الاقباط وان صاحب ذلك شكل من أشكال الموءامة السياسية التي تظهر في تأييد البابا للرئيس مبارك رئيسا لمصر في الانتخابات الرئاسية السابقة أو عن رأيه في جمال مبارك باعتباره أفضل من يكون رئيسا لمصر في السنوات المقبلة.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق